في الصّلاة بالاتّفاق ، فإذا حدث رؤية الماء فيجب أن يكون على ما كان عليه من حكم الحال الأولى» ، وغير ذلك من المسائل.
وقد اختلف العلماء في ذلك ، فذهب أكثر المتكلّمين ، وكثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم إلى أنّ ذلك ليس بدليل (١) ، وهو الّذي ينصره المرتضى (٢) رحمهالله (٣).
وذهب أكثر أصحاب الشّافعي وغيرهم ـ وهو الّذي كان ينصره شيخنا أبو عبد الله (٤) ـ إلى أنّ ذلك دليل (١).
وفي ذلك نظر ، غير أنّه يمكن أن يقال في المثال الّذي ذكروه أن يقال : قد ثبت وجوب المضيّ في الصّلاة قبل رؤية الماء ، ولم يدلّ دليل على أنّ رؤية الماء حدث ، ولو كان حدثا لكان عليه دليل شرعي ، فلمّا لم يكن عليه دليل دلّ على أنّه ليس بحدث ، ووجب حينئذ المضيّ في الصّلاة ، غير أنّ هذا يخرج عن باب استصحاب الحال ويرجع إلى الطّريقة الأولى من الاستدلال بطريقة النّفي.
واعترض من نفى استصحاب الحال طريقة من قال به بأن قال (٥) : الحالة الثانية غير الأولى ، بل الحالة الثّانية مختلف فيها ، والحالة الأولى متّفق عليها ، فكيف يحكم
__________________
انظر : «الذّريعة ٢ : ٨٣٠ ، التبصرة : ٥٢٦ ، اللّمع : ١١٧ ، التّذكرة : ٤٥ ، المعتمد ٢ : ٣٢٥ ، المستصفى ١ : ٢١٧ ، الأحكام للآمدي ٤ : ٣٦٧ ، ميزان الأصول ٢ : ٩٣٦ ، إرشاد الفحول : ٣٥٢ ، شرح المنهاج ٢ : ٧٥٥ ، روضة النّاظر : ١٣٩ ، شرح اللّمع ٢ : ٩٧٨).
(١) انظر : المصادر الواردة في ذيل التّعليقة رقم (١) صفحة ٧٥٥.
(٢) يقول الشّريف المرتضى ـ رحمهالله ـ (الذريعة ٢ : ٨١٩) : «أمّا استصحاب الحال ، فعند التّحقيق لا يرجع المتعلّق بها إلّا إلى أنّه أثبت حكما بغير دليل».
(٢) قدّس الله روحه.
(٤) يقول الشّيخ المفيد ـ رحمهالله ـ (التذكرة : ٤٥) : «والحكم باستصحاب الحال واجب ، لأنّ حكم الحال ثابت باليقين فلا تصحّ الحجّة بإجماعها لهذا الوجه».
(٥) والمعترض هو أبو إسحاق الشّيرازي ، راجع تفصيل استدلاله في نفي دليلية الاستصحاب في : «التبصرة : ٥٢٧ ـ ٥٢٦».