وكذلك القول في صفاته ، وتوحيده ، وعدله.
وكذلك إذا ثبت أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صادق ، فاعتقاد من اعتقد كذبه لا يكون إلّا جهلا. وكذلك المسائل الباقية.
وحكي عن قوم شذّاذ لا يعتد بأقوالهم أنّهم قالوا : إنّ كلّ مجتهد فيها مصيب (١).
وقولهم باطل بما قلناه.
وأمّا ما يصحّ تغييره في نفسه ، وخروجه من الحسن إلى القبح ، ومن الحظر إلى الإباحة ، فلا خلاف بين أهل العلم أنّه كان يجوز أن تختلف المصلحة في ذلك فيما تكون حسنا من زيد يكون قبيحا من عمرو ، وما يقبح من زيد في حال بعينها يحسن منه في حالة أخرى ، ويختلف ذلك بحسب اختلاف أحوالهم وبحسب اجتهادهم.
وإنّما قالوا ذلك : لأنّ هذه الأشياء تابعة للمصالح والألطاف ، وما حكمه هذا فلا يمتنع أن يتغيّر الحال فيه ، ولهذه العلّة جاز النّسخ ، ونقل المكلّفين عمّا كانوا عليه إلى خلافه بحسب ما تقتضيه مصالحهم.
إلّا أنّ مع تجويز ذلك في العقل هل ثبت ذلك في الشّرع أم لا؟
فقد اختلف العلماء في ذلك (٢) :
فذهب أكثر المتكلّمين والفقهاء إلى أنّ كلّ مجتهد مصيب في اجتهاده وفي
__________________
(١) حكي هذا القول الشّاذ عن الجاحظ وعن عبد الله بن الحسن العنبري المعتزلي ، وقيل أنّ العنبري كان يعمّم قوله في العقليّات حتّى يشمل جميع أصول الديانات ، وأنّ اليهود والنّصارى والمجوس على صواب!!.
انظر : «التبصرة : ٤٩٦ ، المستصفى ٢ : ٣٥٩ ، المنخول : ٤٥١ ، الأحكام للآمدي ٤ : ٤٠٩ ، اللّمع : ١٢٢ ، ميزان الأصول ٢ : ١٠٥٣ ، شرح اللّمع ٢ : ١٠٤٢».
(٢) انظر اختلاف أقوالهم وآرائهم في : «الذّريعة ٣ : ٧٩٢ ، المعتمد ٢ : ٣٧٠ ، التبصرة : ٤٩٦ ، المستصفى ٢ : ٣٥٩ ، المنخول : ٤٥١ ، الأحكام للآمدي ٤ : ٤٠٩ ، الأحكام لابن حزم ٨ : ٥٨٧ ، اللّمع : ١٢٢ ، شرح اللّمع ٢ : ١٠٥ ـ ١٠٤٣ ، ميزان الأصول ٢ : ١٠٥٣ ـ ١٠٥٠ ، إرشاد الفحول : ٣٨٣ ، شرح المنهاج ٢ : ٨٣٧ ، روضة النّاظر : ٣٢٤ ، الرسالة للشّافعي : ٥٠٣ ـ ٤٩٤ ، تقريب الوصول : ١٥٧ ـ ١٥٦».