فصل ـ [١]
«الكلام في الاجتهاد»
اعلم أنّ كلّ أمر (١) لا يجوز تغيّره عمّا هو عليه من وجوب إلى حظر ، و (٢) من حسن إلى قبح ، فلا خلاف بين أهل العلم المحصّلين أنّ الاجتهاد في ذلك لا يختلف ، وأنّ الحقّ في واحد ، وأنّ من خالفه ضالّ فاسق ، وربّما كان كافرا ، وذلك نحو القول بأنّ العالم قديم أو محدث؟ وإذا كان محدثا هل له صانع أم لا؟ والكلام في صفات الصّانع ، وتوحيده ، وعدله ، والكلام في النبوّة والإمامة وغير ذلك ، وكذلك الكلام في أنّ الظّلم ، والعبث ، والكذب قبيح على كلّ حال ، وأنّ شكر المنعم ، وردّ الوديعة ، والإنصاف حسن على كلّ حال ، وما يجري مجرى ذلك.
وإنّما قالوا ذلك : لأنّ هذه الأشياء لا يصحّ تغييرها في نفسها ، ولا خروجها عن صفتها الّتي هي عليها ، ألا ترى أنّ العالم إذا ثبت أنّه محدث ، فاعتقاد من اعتقد أنّه قديم لا يكون إلّا جهلا ، والجهل لا يكون إلّا قبيحا.
وكذلك إذا ثبت أنّ له صانعا ، فاعتقاد من اعتقد أنّه ليس له صانع لا يكون إلّا جهلا.
__________________
(١) في الأصل : من.
(٢) أو.