يمكن الطّلب به عند عدم العين (١) ، فكذلك يجب طلب الحكم في الفرع عند عدم النّصّ بما يمكن طلبه به.
يقال لهم : أنّ ما ذكرتموه إن دلّ فإنّما يدلّ على جواز التّعبّد بالاجتهاد في الشّرعيّات ، فأمّا أن يعتمد في إثبات العبادة به في الشّرع فباطل ، لأنّ معتمد ذلك لا بدّ له من أن يقيس سائر حوادث الفروع في جواز استعمال الاجتهاد فيها على القبلة وذلك منه قياس ، والكلام إنّما هو في إثبات القياس ، وهل وردت به العبادة أم لا؟ فكيف يستسلف صحّته؟
ولمن ينفي القياس أن يقول : إنّ الّذي يجب أن أثبت الحكم في القبلة بالاجتهاد لورود النّص ، واقف عند ذلك ولا أتجاوزه ، وهذا بمنزلة أن ترد العبادة بإيجاب صلاة فيقيس قائس عليها وجوب أخرى ، فكما أنّه ممنوع من ذلك إلّا أن يتعبّد بالقياس ، فكذلك من قاس على القبلة غيرها ممنوع من قياسه ، ولمّا أثبت ورود العبادة بالقياس.
على أنّ الحكم عند الغيبة ثابت بالنّص في الجملة ، لأنّ المكلف قد ألزم أن يصلي إلى جهتها (٢) ، فإذا (٣) كان الحكم الشّرعي ثابتا في الجملة [ولم يكتف المكلّف في إمكان الفعل في الجملة](٤) وجب أن يجتهد ليمكنه الفعل الواجب عليه في الجملة ، فالاجتهاد منه ليس يتوصّل به إلى إثبات الحكم الشّرعي ، وإنّما يصل به إلى تمييز الحكم المجمل الّذي ورد النّصّ به ، وتفصيله ، وعروض ذلك أن يرد النّص في الأرز أنّ فيه ضربا من ضروب الرّبا ، ويكون هناك طريق الاجتهاد في إثباته ، فيتّصل المكلّف إلى تمييز ذلك الرّبا وتفصيله لأجل النّصّ المجمل ، وهذا ممّا يثبت لهم.
__________________
(١) الرسالة : ٤٨١ ـ ٤٨٠ ، الأمّ ١ : ٩٤.
(٢) في الأصل : جمعة.
(٣) وإذا.
(٤) زيادة من النسخة الثّانية.