على أنّ روايته قد وردت مختلفة فجاء في بعضها أنّه لما قال «أجتهد رأيي» قال عليهالسلام له : «لا اكتب إليّ أكتب إليك» (١) ، وهذا يوجب أن يكون الأمر فيما لا يجده في الكتاب والسّنة موقوفا على ما يكتب إليه لا على اجتهاده.
فان قالوا : الدّليل على صحّة روايته تلقّي الأمّة له عصرا بعد عصر بالقبول ، ولأنّ الصّحابة إذا ثبت أنّهم عملوا بالقياس والاجتهاد فلا بدّ فيه من نصّ ، لأنّ أصل القياس في الشّرع لا يستدرك قياسا ، ولا نصّ يدلّ ظاهره على ذلك إلّا خبر معاذ أو ما خبر معاذ أقوى منه ، فيجب من ذلك صحّة الخبر.
قلنا : أمّا تلقّي الأمّة له بالقبول فغير معلوم (١) ، وقد بيّنا أنّ قبول الأمّة لأمثال هذه الأخبار كقبولهم لخبر مسّ الذّكر (٢) وما جرى مجراه ممّا لا يقطع به ولا يعلم صحّته.
__________________
ـ سقوطه وبطلان العمل به ، يقول : «هذا حديث ساقط لم يروه أحد من غير هذا الطّريق ، وأوّل سقوطه أنّه عن قوم مجهولين لم يسمّوا فلا حجّة فيمن لا يعرف من هو ، وفيه الحارث بن عمرو وهو مجهول لا يعرف من هو ، ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه» ثمّ نقل عن البخاري أنّه قال : (ولا يعرف الحارث إلّا بهذا ، ولا يصحّ».
وقال ابن حجر العسقلاني في (تهذيب التّهذيب) ٢ : ١٣٢ : «الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة ، روى عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ عن معاذ في الاجتهاد. وعنه أبو عون محمّد بن عبيد الله الثقفي ولا يعرف إلّا بهذا ، قال البخاري : لا يصحّ ولا يعرف. وقال الترمذي : لا نعرفه إلّا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتّصل.
قلت : لفظ البخاري روى عنه أبو عون ولا يصحّ ولا يعرف إلّا بهذا مرسل ، هكذا قال في التّاريخ الكبير ، وقال في الأوسط في فصل من مات بين المائة إلى عشر ومائة : لا يعرف إلّا بهذا ولا يصحّ.
وذكره العقيلي ، وابن الجارود ، وأبو العرب في الضعفاء ، قال ابن عدي : هو معروف بهذا الحديث ، وذكره ابن حبّان في الثقات ، وذكر إمام الحرمين أبو المعالي الجويني أنّ هذا الحديث مخرّج في الصّحيح ، ووهم في ذلك».
وأيضا راجع جامع الأصول في أحاديث الرّسول : ١٠ ـ هامش ص ١٧٨ لمعرفة العلل الموجودة في إسناد هذا الحديث.
(١) انظر المصادر الواردة في هامش رقم (٢) صفحة ٦٦٦
(٢) انظر تخريج الحديث في هامش رقم (٢) صفحة ٥٥٦.