والقول الآخر : قول من جعله يمينا يلزم فيها الكفارة ، وهو المحكيّ عن أبي بكر ، وعمر ، وابن مسعود ، وعائشة (١)
والثّالث : قول من جعله ظهارا ، وهو المروي عن ابن عبّاس وغيره (١).
والرّابع : قول من جعله تطليقة واحدة ، وهو المرويّ عن ابن مسعود ، وابن عمر وغيرهما (١).
ثمّ اختلفوا : فمنهم من لغاه ، ومنهم من جعلها واحدة رجعيّة ، وبعضهم جعلها بائنة ، وكلّ ذلك تفريع للقول الرّابع (٢).
وحكي في المسألة قول خامس عن مسروق (٣) وهو أنّه ليس بشيء ، لأنّه تحريم لما أحلّه الله تعالى ووجوده كعدمه (٢).
واختلافهم أيضا في الجدّ ظاهر ، وكذلك ما عددناه من المسائل ، وإنّما شرحنا مسألة الحرام لأنّ الخلاف فيها أكثر منه في غيرها.
قالوا : وقد علمنا أنّه لا وجه لأقاويلهم إلّا طريقة القياس والاجتهاد ، لأنّ من جعل الحرام طلاقا ثلاثا معلوم أنّه لم يرد أنّه طلاق ثلاث على الحقيقة ، بل أراد أنّه كالطّلاق الثلاث وجار مجراه ، وكذلك من جعله يمينا وظهارا محال أن يريد إلّا الشّبه دون أن يكون عنده يمينا أو ظهارا في الحقيقة.
ولأنّه قد نقل عنهم النّصّ الصّريح في أنّهم قالوا بذلك قياسا ، لأنّ من ذهب إلى أنّ الجدّ بمنزلة الأب نصّ على أنّه مع فقد الأب بمنزلة ابن الابن مع فقد الابن (٤) ، حتّى صرّح ابن عبّاس بأن قال : «ألا يتّقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ، ولا
__________________
(١) الأحكام ٤ : ٣٢٠ [راجع أيضا المصادر الواردة في هامش رقم (٢) صفحة ٦٦٦].
(٢) المغني لابن قدامة ٨ : ٣٠٤ و ٥٦١.
(٣) هو مسروق بن الأجدع بن مالك بن أميّة بن عبد الله الهمداني ، أبو عائشة ، تابعيّ ، قدم المدينة من اليمن بعد وفاة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وروى عن جماعة من الصّحابة ، ثمّ سكن الكوفة وكان يلي الخيل لعبيد الله بن زياد ، ثمّ خرج إلى قزوين فمات بها.
(٤) المغني لابن قدامة ٧ : ٦٤.