فصل ـ [٦]
«في ذكر وقوع البيان بالأفعال» (١)
ذهب الفقهاء بأسرهم ، والمتكلّمون إلى أنّ البيان يقع بالفعل كما يقع بالقول(١).
وقال بعض المتأخّرين : إنّ البيان لا يقع بالفعل(١).
والّذي يدلّ على صحّة مذهب الأوّل أشياء :
منها : أنّه إذا كان الفعل ممّا يقع به التّبيين كما يقع بالقول ، فينبغي أن يجوز وقوعه ، ألا ترى أنّه لا فرق بين أن يقول : «صلّوا صلاة أوجبها الله عليكم» ، ثمّ يبيّن صفتها وكيفيّتها بالقول ، وبين أن يقوم فيصلّي ، في أنّه يقع في الحالين التّبيين على حدّ واحد.
ولو قيل : أنّ التّبيين يقع بالفعل آكد ممّا يقع بالقول ، لكان ذلك سائغا (٢) ،
__________________
(١) وهو أن يفعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض ما دخل تحريمه في العموم ، ويدل ذلك الفعل على تخصيص العموم ، ولا خلاف في حكم هذا الفعل البياني ، وأنّ البيان يقع بالفعل كما يقع بالقول ، وعليه إجماع الجمهور الأكبر من الأصوليين والفقهاء ـ من العامّة والخاصّة ـ ولم يخالفهم إلّا طائفة شاذّة حيث نسب لأبي إسحاق الأسفراييني وأبي الحسن الكرخي.
انظر : «التبصرة : ٢٤٧ ، الذريعة ١ : ٣٣٩ ، الأحكام للآمدي ٣ : ٢٥ ، المعتمد ١ : ٣١٣ ـ ٣١٢ ، روضة الناظر : ١٦٣ ، شرح اللّمع ١ : ٣٧٩ ، أصول السرخسي ٢ : ٢٧ ، المنخول : ٦٦».
(٢) في الأصل : شائعا.