للشّرع (١).
فأمّا من ليس بنبيّ ولا رسول ولا إمام ، فإنّه يجوز أن يقع منه الفعل القبيح ، إلّا
__________________
الجرجاني في كتابه (أصول الدّين : ١٦٩ ـ ١٦٧) : «أجمع أصحابنا على وجوب كون الأنبياء معصومين بعد النبوّة عن الذنوب كلّها ، وأمّا السهو والخطاء فليسا من الذنوب فلذلك ساغا عليهم. وقد سها نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلاته حتّى سلّم عن الركعتين ثمّ بنى عليها وسجد سجدتي السهو ، وأجازوا عليهم الذنوب قبل النبوّة وتأوّلوا على ذلك كلّ ما حكى في القرآن من ذنوبهم ، وأجاز ابن كرّام في كتابه الذنوب من الأنبياء من غير تفصيل منه ، ولأصحابه اليوم في ذلك تفصيل يقولون : يجوز عليهم من الذنوب ما لا يوجب حدّا ولا تفسيقا ، وفيهم من يجيز الخطأ في التّبليغ ، واختلفت القدريّة فمنهم من قال : إنّ ذنوب الأنبياء خطأ من جهة التأويل والاجتهاد ولم يجوز عليهم أن يفعلوا ما علموا أنّه جنسها فأخطأ في التّأويل ، وهذا تأويل الجبّائيّ ، وقال ابنه أبو هاشم : إنّ ذلك كان ذنبا منه ، ثمّ قال أبو هاشم : يجوز عليهم الصغائر الّتي لا تنفّر ، وقال النظّام وجعفر بن مبشّر : إنّ ذنوبهم على السهو والخطأ ، وهم مأخوذون بما وقع منهم على هذه الجهة وإن كان ذلك موضوعا عن أممهم. وقال أصحابنا : لا معنى لدعوى القدرية عصمة الأنبياء ولا يصحّ لهم على أصولهم أن يقولوا : إنّ الله عصمهم عن شيء من الذنوب لأنّه قد فعل بهم ما فعله بسائر المكلّفين من النّكير والعذر كلّهما عندهم يصلح للطّاعة والمعصية وإنّما هم عصموا أنفسهم عن المعاصي وليس لله في عصمتهم تأثير».
انظر : «أوائل المقالات : ٦٢ ، الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ٢٦٠ ، تنزيه الأنبياء للشّريف المرتضى ، الذخيرة في علم الكلام : ٣٣٨ ، شرح الأصول الخمسة : ٥٧٥ ، المواقف : ٣٥٨ ، مقالات الإسلاميين ١ : ١١٦ و ٢١٣ و ٢٧٢ ، مذاهب الإسلاميين : ٤٧٨ ، الأحكام للآمدي ١ : ١٤٥».
(١) تعدّ قضيّة عصمة الأئمّة عليهمالسلام من أمّهات المسائل الخلافية والمثيرة للجدل والأخذ والردّ بين الشّيعة ومذاهب أهل السنة الكلاميّة ، فقد أجمعوا على نفيها وأصرّت الإماميّة على إثباتها ولزومها بالأدلّة العقلية والنقليّة ، وللإماميّة تأليفات مطوّلة في هذا المجال ، ومن أهمّها كتاب «الشّافي في الإمامة» للشّريف المرتضى وهو ردّ على فصل الإمامة من كتاب «المغني» للقاضي عبد الجبّار الهمداني ، ولخّصه الشّيخ الطوسي وسمّاه «تلخيص الشّافي» وقد طبعا مرارا ، وإليك مختار الإماميّة كما صرّح به الشّيخ المفيد في (أوائل المقالات : ٦٥) : «إنّ الأئمّة القائمين مقام الأنبياء صلوات الله عليهم في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشّرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء وإنّهم لا يجوز منهم صغيرة إلّا ما قدّمت ذكر جوازه على الأنبياء ، وإنّه لا يجوز منهم سهو في شيء من الدّين ولا ينسون شيئا من الأحكام ، وعلى هذا مذهب سائر الإماميّة. والمعتزلة بأسرها تخالف في ذلك وتجوّز من الأئمّة وقوع الكبائر والرّدة عن الإسلام» راجع المصادر الواردة في ذيل التّعليقة السابقة.