النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده.
وقد يعلم التّاريخ بقول الصّحابي بأن يقول أو يحكم أنّ أحد الحديثين كان بعد الآخر.
وليس يجب ، من حيث لم يجز أن ينسخ بقول الصّحابي الكتاب ألا يعرف بقوله التّاريخ ، لأنّ التّاريخ شرط في صحّة النّسخ ، فطرق العلم به الحكاية ، فصحّ الرّجوع إلى قوله لأنّه لا يقع فيه لبس ، كما صحّ إثبات الإحصان بالشّاهدين وإن لم يصحّ بهما الحكم بحدّ الزّنا.
وليس يجب إذا علمنا التّاريخ بقول الصّحابي أن نقلّده إذا أخبرنا أنّ «كذا نسخ كذا» ، بل يجب أن ننظر فيما أوصفه بأنّه منسوخ ، فإن علمنا أنّه كما قال أخذنا به ، وإلّا وقفنا فيه ، لأنّ ذلك يجوز دخول الشّبهة فيه ، ولذلك لم يقبل كثير من الفقهاء قول من قال من الصّحابة أنّ المسح على الخفّين نسخ الكتاب (١) ، لما علمنا أنّه ليس طريقة النّسخ ، وكذلك لم يقبل قول من قال «إنّ الماء من الماء منسوخ» (٢).
وأمّا إذا قال الصّحابي «إنّ كذا وكذا كان حكما ثابتا من قبل وإنّه قد نسخ» ولم يذكر ما به نسخ ، فإنّ أبا عبد الله البصريّ حكى عن أبي الحسن (٣) أنّه كان يرجع إلى قوله ، وذلك نحو قول ابن مسعود (٤) حين ذكر له في التّشهد التحيّات الزّاكيات فقال
__________________
ثمّ إنّ حديثنا متأخّر لأنّ أبا هريرة قد رواه وهو متأخر الإسلام ، وإنّما صحب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أربع سنين ، وكان قدوم طلق على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يؤسّسون المسجد فيكون حديثنا ناسخا له. وقياس الذّكر على سائر البدن لا يصحّ لأنّه يتعلّق به أحكام ينفرد بها ، من وجوب الغسل بإيلاجه والحدّ والمهر وغير ذلك»!!
(١) انظر تفسير التبيان ٤٥٧٣.
(٢) انظر تخريج الحديث في هامش رقم (٢) صفحة ٤٧٦.
(٣) في الأصل أبي الحسين ، والصّحيح ما أثبتناه وهو أبو الحسن الكرخي من أعلام الحنفيّة.
(٤) هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي ، أبو عبد الرحمن وابن أمّ عبد. من أكابر الصحابة علما وفقها ومعرفة بالقرآن وبالسّنّة ومن السابقين إلى الإسلام ، وأوّل من جهر بقراءة القرآن بمكّة ، عذّب في بداية الدّعوة وأبلى بلاء حسنا في الإسلام ، كان من المقرّبين لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخادمه وصاحب سرّه ،