«كان أمره (١) مرة ثمّ نسخ بتشهّده» (٢).
ونحو ما روي عن ابن عمر ، وابن عبّاس في الرّضاع أنّهما قالا «كان الواجب التّوقيت وأمّا الآن فلا» (٣).
وذهب غيره (٤) إلى أنّه لا يرجع إلى قول الصّحابي في ذلك ، لأنّه إذا جاز فيما صرّح بأنّه ناسخ ألا يكون ناسخا في الحقيقة ، فإن اعتقد هو فيه ذلك فغير ممتنع أن يطلق ذلك إطلاقا ولا يذكر ما لأجله قال أنّه منسوخ ، ولو ذكره كان ممّا لا يقع النّسخ به (٥).
ولو علم من حاله أنّه إنّما ذكر أنّه منسوخ لأمر لا يلتبس ، لوجب الرّجوع إلى قوله.
وقد يعلم التّاريخ ، بأن يكون أحد الخبرين يقتضي حكما معلوما بغير شرع ، والآخر يقتضي حكما شرعيّا ، فيكون ذلك هو الطّاري على الأوّل ، نحو ما ذكر من
__________________
كان من الموالين لأهل البيت عليهمالسلام ومن الناقمين على عثمان والحزب الأموي ، ابتعد بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن المدينة فولّي بيت مال الكوفة ، وكان يعلّم النّاس قراءة القرآن في المسجد الجامع ، فاختلف مع الوليد ـ حاكم كوفة الأموي وهو أخو عثمان بالرّضاعة ـ في تقسيم بيت المال ، فكأنّ الحاكم يرى أنّ أرض السّواد بستان لنبي أميّة ، فشكا الحاكم أمره إلى عثمان فعزله عن منصبه ، وعاد إلى المدينة ، ولكنّه لم يدع النكير على تصرّفات عثمان وعمّاله برغم أنّ عثمان كان يردعه ، وأخيرا ضاق صبر الخليفة فأخذه غلمانه وضربه عثمان وداس على بطنه في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فأغمي عليه وحمل إلى حجرة أمّ سلمة أمّ المؤمنين ، توفّي بالمدينة سنة ٣٢ ه.
(١) هذا.
(٢) قال أبو الحسين البصري في (المعتمد ٤١٨١) «حكى الشّيخ أبو عبد الله عن الشيخ أبي الحسن أنّ الراوي إذا عيّن النّاسخ فقال (هذا نسخ هذا) جاز أن يكون قاله اجتهادا فلا يجب الرجوع إليه ، وإن لم يعيّن النّاس بل قال (هذا منسوخ) قبل ذلك ، نحو قول عبد الله في التشهّد (كان ذلك مرّة ثمّ نسخ)».
(٣) لم نجد هذا الحديث في المصادر المتوفّرة لدينا.
(٤) وهذا مختار القاضي عبد الجبّار المعتزلي ، انظر «الأحكام للآمدي ١٦٣٣ ، المعتمد ٤١٨١».
(٥) لأنّه يستلزم نسخ المتواتر بقول الواحد.