وجوب إسقاط ذلك.
وثالثها نحو ما روي عنه عليهالسلام من قوله «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ، وعن ادّخار لحوم الأضاحي فادّخروها» (١).
وكلّ ذلك أدلّة تقتضي زوال الحكم الثّابت بنصّ متقدّم عن نظائر ذلك ، على وجه لولاه لكان ثابتا بالأوّل ، فيجب أن يكون ناسخا له والأوّل منسوخا به ، وإن اختلفت عبارته.
وأمّا ما يعلم ذلك من جهة المعنى نحو أن يوجب الشّيء ثمّ يوجب ما يضادّه على وجه لا يمكن الجمع بينهما بأيّ وجه علم ذلك من الألفاظ ، فيعلم بذلك أنّه ناسخ للأوّل ، فعلى هذا يجري هذا الباب.
وقد يعلم أيضا النّاسخ ناسخا ببيان إذا كان اللّفظ والمعنى لا ينبئان عن ذلك ، وذلك نحو ما يقوله الفقهاء من نسخ الوصيّة للوالدين والأقربين بآية المواريث ، لأنّ بظاهر الآية لا يعلم نسخ ذلك ، وإنّما يعلم ذلك على تسليم بقوله عليهالسلام «إنّ الله تعالى قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه فلا وصيّة لوارث» (٢).
وهذا وإن كان عندنا غير صحيح ، لأنّ عندنا تصحّ الوصيّة للوارث ، فإنّما ذكرناه لأنّ ذلك وجه كان يمكن أن يقع به النّسخ.
وأمّا طاوس (٣) فذهب إلى أنّ الوالدين ثبت لهم الوصيّة إذا كانا كافرين ، فلم ينسخ الآية وإنّما خصّصها بالخبر (٤).
__________________
(١) كنز العمّال ٤٢٥٥٥١٥ ، ٤٢٩٩٨ ، ٤٢٥٥٤ ـ السنن الكبرى ٧٧٤. وأيضا انظر هامش رقم ١ و ٢ صفحة ٥٣٨
(٢) كنز العمّال ١٢٩١٦٥ ، ١٤٥٧٤ ـ ج ٤٦٠٦٥١٦ ، والحديث أخرجه التّرمذي ، والنسائي ، وأحمد ، وابن ماجة.
(٣) هو طاوس بن كيسان الخولاني الهمداني ، أبو عبد الرحمن ، من أكابر التّابعين فقها ورواية للحديث وزهدا وتقشّفا. أصله من بلاد فارس ، ولد باليمن سنة ٣٣ ه ونشأ بها وتوفّي بمكّة حاجّا عام ١٠٦ ه.
(٤) قال ابن قدّامة (المغني ٤٤٤٦ رقم ٤٥٩١) «ولا تجب الوصيّة إلّا على من عليه دين أو عنده وديعة أو