وغيره.
وقال آخرون : إنما يجب العمل به شرعا ، والعقل لا يدل عليه ، وهو مذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين ممن خالفنا (١).
ثم اختلفوا :
فمنهم من قال : يجب العمل به ولم يراع في ذلك عددا (٢).
ومنهم : من راعى في ذلك العدد ، وهو أن يكون رواته أكثر من واحد (٣) ، وهذا
__________________
(١) جمهور الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة على جواز ، بل وجوب العمل بخبر الواحد ، راجع : «شرح اللمع ٢ : ٦٠٣ ـ ٥٨٣ ، التبصرة : ٣٠٣ ، الأحكام ١ : ١١٢ و ١٠٣ ، روضة الناظر : ٩٣ ، الذريعة ٢ : ٥٢٩».
(٢) قال ابن حزم الأندلسي : «القسم الثاني من الأخبار ما نقله الواحد ، عن الواحد فهذا إذا اتصل برواية العدول إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجب العمل به ووجب العلم بصحته أيضا» انظر : «الأحكام ١ : ١٠٣ ، التبصرة ٣٠١ و ٣١٢ ، المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٩٨ و ١٣٨ شرح اللمع ٢ : ٦٠٣».
(٣) واختلفت الآراء عند هؤلاء ، فقد قال أبو علي الجبائي : «لا يجوز حتى يرويه اثنان عن اثنين إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم إن القاضي عبد الجبار نقل عن الجبائي أيضا قوله : انه لا يقبل خبر الواحد إذا رواه أقل من أربعة ، وقد نسب ابن السبكي هذا الرّأي للقاضي عبد الجبار نفسه ، ونقل ابن السبكي عن أبي منصور البغدادي قوله : إن هناك من يذهب إلى اشتراط رواية خمسة عن خمسة ، وآخرون إلى اشتراط سبعة عن سبعة. ونسب أبو الحسين البصري إلى الجبائي تفصيل مفاده قبوله لرواية الواحد لكن بشروط ، يقول : «إذا روى العدلان خبرا وجب العمل به ، وإن رواه واحد فقط لم يجز العمل به إلا بأحد شروط ، منها أن يعضده ظاهر ، أو عمل بعض الصحابة ، أو اجتهاد ، أو يكون منتشرا» فقد تمسك الجبائي لإثبات مذهبه في التفصيل بشواهد عديدة من أخبار الآحاد وموقف الصحابة تجاهها. وبالقياس حيث قاس الخبر بالشهادة ، وقد رد جمهور الأصوليين على أدلة الجبائي ، وعلق الغزالي على مذهب الجبائي قائلا : «ذهب الجبائي إلى أنه لا يعمل إلا بما ينقله رجلان. ثم شرط عند تكرر العصر أن يتحمل قول كل رجل رجلان هكذا إلى حيث ينتهي ، وهذا استئصال لهذه القاعدة ، إذ لا يستقيم على هذا المذاق حديث في عصرنا!!» راجع : «المعتمد في أصول الفقه ٢ : ١٣٨ ، التبصرة في أصول الفقه : ٣١٢ ، شرح اللمع : ٦٠٣ الذريعة ٢ : ٥٢٩ ، المنخول : ٢٥٥ ، روضة الناظر وجنة المناظر : ٩٩ ـ ٩٨» ، وهنا تفصيل آخر نقله ابن حزم الأندلسي عمن سماهم ببعض المتحكمين في الدين حيث فصلوا بين الخبر إذا كان مما يعظم به البلوى فلم يقبل فيه خبر الواحد ، وبين ما لم يعظم فيقبل فيه الخبر الواحد. (الأحكام في أصول الإحكام ١ : ١٠٩).