ومنها : أن تكون الحاجة في باب الدين إلى نقله ماسة ، فإذا لم ينقل نقل نظيره في هذا الباب علم أنه كذب ، نحو ما نقول أن العرب لو عارضت القرآن لوجب نقله كنقل نظيره ، لأن الحاجة إلى نقله كالحاجة إلى نقل القرآن ، وحالهما في قرب العهد سواء ، ولذلك نقول : إنه لا يجوز أن يكون للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شرائع أخر لم تنقل إلينا ، لأنها لو كانت لنقلت نقل نظيرها لمساواتها لها في الحاجة إليها وقرب العهد بها ، هذا إذا فرضنا أن الموانع والصوارف عن نقله كلها مرتفعة يحب ذلك.
فأما إذا جوزنا أن يمنع من نقل بعض الأخبار مانع من خوف وما يجري مجراه فلم يجب القطع على كذب ذلك الخبر ، لأن هذا الّذي ذكرناه حكم أكثر الفضائل المروية لأمير المؤمنين عليهالسلام والنص عليه ، والعلة فيها ما قلناه من اعتراض موانع من خوف وتقية وغير ذلك.
فأما ما يعم البلوى به ، أو ما وقع في الأصل شائعا ذائعا ، فيجب (١) نقله على وجه يوجب العلم ، ما لم يعرض فيه ما يمنع من نقله ، فمتى لم يعرض هناك ما يمنع من نقله وكان في الأصل شائعا ذائعا ، علم أنه باطل.
والخبر إذا كان ظاهره يقتضي الجبر والتشبيه ، أو أمرا علم بالدليل بطلانه ، ولا يمكن تأويله على وجه يطابق الحق غير متعسف ولا بعيد من الاستعمال ، وجب القطع على كذبه. فإن أمكن تأويله على وجه قريب أو على ضرب من المجاز (الّذي) (٢) جرت العادة باستعماله يقطع على كذبه.
فأما ما تكلفه محمد بن شجاع الثلجي (٣) من تأويل الأخبار الواردة من الجبر والتشبيه من التعسف والخروج عن حد الاستعمال فلا يحتاج إليه ، لأنه لو ساغ ذلك
__________________
(١) يجب.
(٢) زيادة في الأصل.
(٣) الوارد في الأصل والنسخة المطبوعة محمد بن شجاع البلخي ، والظاهر أن الصحيح هو محمد بن شجاع الثلجي أو ابن الثلجي البغدادي الّذي كان فقيه العراق في وقته ومن أصحاب أبي حنيفة وقد عده ابن المرتضى من أعلام المعتزلة.