لم يكن لنا طريق نقطع على كذب أحد ، وذلك باطل.
والفائدة في نقل ما علم كذبه هو أن ينحصر المنقول من الأحاديث ليعلم أن ما ادخل فيه معمول ، كما حصر (١) الخلاف في الفقه ليعلم به الخلاف الحادث فيطرح ولا يلتفت إليه.
وليس لأحد أن يقول : إن في تجويزكم (٢) الكذب على هذه الأخبار أو في بعضها طعنا على الصحابة ، لأن ذلك يوجب تعمدهم الكذب.
وذلك أنه : لا يمتنع أن يكون وقع الغلط من بعض الصحابة ، لأنه ليس كل واحد منهم معصوما لا يجوز عليه الغلط ، وإنما يمنع من إجماعهم على الخطأ دون أن يكون ذلك ممتنعا من آحادهم.
وأيضا : فإنهم كانوا يسمعون الحديث من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يكتبونه فيسهون (٣) عنه أو عن بعضه ، فيقع الغلط في نقله (٤).
وأيضا : أنهم كانوا يحضرونه عليهالسلام وقد ابتدأ الحديث فيلحقه بعضهم فينقلونه بانفراده فيتغير معناه لذلك ، ولذلك كان عليهالسلام إذا أحس برجل داخل ابتدأ الحديث (٥) ، ولهذا أنكرت عائشة (٥) على من روى عن النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) خص.
(٢) تجويز.
(٣) ويسهون.
(٤) المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٨٠.
(٥) هي عائشة بنت أبي بكر ، أم المؤمنين ، بنى بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بداية هجرته إلى المدينة ، وكانت عاقرا فلم تنجب مولودا ، وحينما توفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت هي بنت ثماني عشرة سنة ، وقد نشطت أيام عثمان ودخلت السياسة وحرضت الناس على عثمان ثم بعد مقتله وخلافة علي بن أبي طالب عليهالسلام قادت معركة الجمل حيث كانت السبب في مقتل آلاف المسلمين. كانت من ألد أعداء أهل البيت تكره فاطمة وأمها خديجة وتعادي عليا ، ومنعت من دفن الحسن عليهالسلام عند جده صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقد روت هي (وغيرها من الوضاعين) أحاديث عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في فضائل نفسها وأبيها أكثرها موضوعة. ماتت عام ٥٨ ه بالمدينة.