خلاف ما تناوله ، فيعلم أنه كذب. ولذلك قلنا أن المخبر عن كون فيل بحضرتنا يعلم بطلان خبره بالاضطرار (١) ، لأنه لو كان هناك فيل لرأيناه.
والضرب الآخر : يعلم كونه كذبا باكتساب ، وهو كل خبر نعلم أن مخبره على خلاف ما تناوله بدليل عقلي ، أو بالكتاب والسنة ، أو الإجماع ، وقد يعلم ذلك بأن يكون لو كان صحيحا لوجب قيام الحجة به على المكلفين أو بعضهم ، فإذا لم تقم به الحجة علم أنه باطل ، والعلة في ذلك أن الله تعالى لا يجوز أن يكلف عباده فعلا ولا يزيح علتهم في معرفته ، فإذا صح ذلك وكان ذلك الفعل مما طريقه العلم لا العمل ، أو مما علم بالدليل أنه مما يجب أن يعلمه المكلف ، وإن كان طريقه العمل ، فيجب ورود الخبر به على وجه يعلم مخبره إذا لم يعرف (٢) من جهة المكلفين ما يمنع من وروده ، فإذا لم يكن ذلك حاله علم بطلانه ، اللهم إلا أن يكون هناك طريق آخر يعلم به صحة ما تضمنه ذلك الخبر فيستغنى بذلك الطريق عن الخبر ولا يقطع على كذبه ، ولذلك نقول : إن الخبر إذا صار بحيث لا تقوم به الحجة قام قول الإمام في ذلك مقامه ، إذا أوجب العلم وصارت الحجة به قوله دون الخبر ، والعلة في ذلك أن ما تضمنه الخبر إذا كان من باب الدين ومصلحة المكلف فلا بدّ من أن يكون للمكلف طريق إلى العلم به ، فإن كان حاصلا من طريق النقل ، وإلا فما ذكرناه من قول الإمام ، لأنه إن لم يكن أحد هذين أدى إلى أن لا يكون للمكلف طريق يعلم به ما هو مصلحة له ، وذلك لا يجوز.
ومنها : أن يكون المخبر عنه مما لو كان على ما تناوله الخبر لكانت الدواعي تقوى إلى نقله ، وقد جرت العادة بتعذر كتمانه ، فإذا لم ينقل ذلك نقل مثله علم كذبه ، وهو أن يخبر المخبر بحادثة عظيمة وقعت في الجامع ، ورؤية الهلال والسماء مصيحة ، في أنه إذا لم يظهر النقل فيه علم أنه كذب.
__________________
(١) في الأصل (باضطراب) والصحيح ما أثبتناه من النسخة الثانية.
(٢) يعرض.