الحديث نفوسهم على نقد (١) الحديث ، وتمييز الصحيح منها من الفاسد (٢).
وليس لأحد أن يقول : إن ما يتعلق بالدين إذا لم يقم به الحجة ، وجب القطع على كذبه ، كما نعلم كذب المدعي للنبوة إذا لم يظهر عليه المعجز ، وذلك أنه لا يمتنع أن يتعبد بالخبر وإن لم تقم به الحجة ، كما تعبد بالشهادات وإن لم تعلم صحتها.
ولا يجوز أن يتعبد بتصديق نبي ولا علم له ، أو بتصديق كذاب ، فلذلك كذبنا المدعي للنبوة إذا لم يكن له معجزة. وغاية ما في هذا ألا يجب العمل به ، وليس إذا لم يجب العمل به وجب القطع على كذبه ، بل ينبغي أن يتوقف فيه إلى أن يدل دليل عقلي أو شرعي على كذبه أو كذب بعضه.
واما (٣) الطريق الّذي به يعلم كذب الخبر فلا يجوز أن يكون الخبر ، سواء أوجب العلم ضرورة أو اكتسابا. ويفارق الكذب في هذا الباب الصدق ، لأنا بالخبر نعلم صدق الخبر ولا نعلم به كذبه ، بل العلم بكذبه يحتاج إلى أمور أخر.
والأخبار على ضربين.
أحدهما : يعلم كونه كذبا (ضرورة ، وهو أن يعلم) (٤) ، ضرورة أن مخبره على
__________________
(١) فقد.
(٢) نظرا لكثرة الأحاديث الموضوعة والساقطة وكثرة الرّواة الضعفاء والمجاهيل والمتروكين والكذابين والمدلسين في كتب أهل السنة وخاصة ما يعرف منها بالصحاح والمسانيد ـ فقد صنف جماعة من أعلام أهل السنة كتبا محاولة منهم في تهذيب الروايات وتشذيبها من هذه الموضوعات نذكر قسما منها وهي : كتاب الأباطيل : للحسين بن إبراهيم الجوزقاني ، تمييز الطيب من الخبيث : لابن الربيع ، المقاصد الحسنة في كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة : للسخاوي ، تذكرة الموضوعات : لأبي الفضل المقدسي ، اللئالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة : لجلال الدين السيوطي ، العلل المتناهية في الأحاديث الواهية : لابن الجوزي ، علل الحديث : للرازي ، الكامل في ضعفاء الرّجال : لابن عدي ، كتاب الضعفاء والمتروكين : لابن الجوزي ، الجرح والتعديل : للرازي ، الضعفاء الكبير : للعقيلي كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين : لمحمد بن حيان البستي ، وغيرها.
(٣) فأما.
(٤) زيادة ساقطة من الأصل.