فكذلك ، لفقد الدلالة على كلا القولين ، وقد توعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الكذب عليه بقوله : (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) (١). وتجنب كثير من أصحابه الرواية نحو الزبير (١) ، والبراء بن عازب (٢) لما تبينوا أنه وقع فيها الكذب ، فروي عن البراء أنه قال : «سمعنا كما سمعوا لكنهم رووا ما لم يسمعوا) وروي عن شعبة (٣) أنه قال : «نصف الحديث كذب» (٤) ولأجل ما قلنا حمل أصحاب
__________________
الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم ، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا به الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله فهذا أحد الأربعة ...» [أصول الكافي ١ : ٦٢ باب اختلاف الحديث ح ١].
(١) أصول الكافي ١ : ٦٢ باب اختلاف الحديث ، ح ١ ، البخاري : كتاب العلم ، باب ٣٨ ، مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٣٠٣.
(٢) هو الزبير بن العوام الأسدي القرشي ، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. صحابي شهد بدرا وما بعدها وهاجر الهجرتين وروى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. انحرف عن أهل البيت عليهمالسلام ونكث بيعته لأمير المؤمنين عليهالسلام وحاربه في معركة الجمل لكنه ندم على ذلك واعتزل المعركة فباغته عمرو بن جرموز وقتله بوادي السباع عام ٣٦ ه
(٣) صحابي ، روى عن النبي وغزا معه صلىاللهعليهوآله ، وشهد مع أمير المؤمنين عليهالسلام الجمل وصفين والنهروان. نزل الكوفة ومات بها سنة ٧٢ ه زمن مصعب بن الزبير.
(٤) هو شعبة بن الحجاج الأزدي ، من كبار المحدثين الثقات. وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث ، وإمام الأئمة في معرفة الحديث ، ولولاه لما عرف الحديث بالعراق. كان من سادات زمانه حفظا وإتقانا وورعا ، مولده سنة ٨٢ ه (أو ٨٣) ووفاته سنة ١٦٠ ه بالبصرة.
(٥) قال أبو الحسين البصري : (حكي عن شعبة أنه قال : «ثلث الحديث كذب») ، المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٨٠.