فصل ـ [٣]
«في أن في الأخبار المروية ما هو كذب (١) ، والطريق الّذي
يعلم به ذلك من المعلوم الّذي لا يتخالج فيه شك»
إن في الأخبار المروية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كذبا ، كما أن فيها صدقا ، فمن قال : إن جميعها صدق فقد أبعد القول فيه ، ومن قال : إنها كلها كذب
__________________
(١) إن الكثير من الشواهد والأدلة التاريخية تثبت ـ وبوضوح ـ دخول كثير من الأحاديث الكاذبة والروايات الموضوعة في صحاح أهل السنة ومسانيدهم ، بل إن من الأمور الواضحة التي لا يمكن لأحد نكرانها أنه بعد أن سيطر الحزب الأموي على مقاليد السلطة والخلافة ، سعت وبكل الوسائل المتاحة من بذل الأموال وشراء الذمم في خلق جيل من الوضاعين الكذابين الذين لم يتورعوا عن اختلاق الأحاديث ونشرها بين المسلمين ، كل ذلك في سبيل تثبيت دعائم الخلافة المغصوبة ، ولفت الأنظار عن أهل البيت عليهمالسلام ، ولعل أفصح من شرح الموقف في تلك الأيام هو الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام حيث قال لسليم بن قيس الهلالي الكوفي حينما سأله قائلا : «إني سمعت من سلمان ومقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متعمدين ، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل علي فقال : قد سألت فافهم الجواب :
إن في أيدي الناس حقا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعاما وخاصا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها