وانشقاق القمر (١) ، وتسبيح الحصى (٢) ، وغير ذلك؟
وأي فرق أيضا بين أخبار البلدان ، وبين خبر النص الجلي (٣) الّذي يتفرد بنقله الإمامية؟ وإلا أجزتم أن يكون العلم بذلك كله ضروريا ، كما أجزتموه في أخبار البلدان وما أشبهها؟
وليس يمتنع أن يكون السبق إلى اعتقاد مانعا من فعل العلم الضروري بالعادة ، كما أن السبق إلى اعتقاد بخلاف ما يولده النّظر عند مخالفينا مانع من توليد النّظر والعلم ، وإذا جاز ذلك فيما هو سبب موجب فأولى أن يجوز فيما طريقه العادة.
وليس لأحد أن يقول : فيجب على هذا أن لا يفعل العلم (الضروري) (٤) لمن سبق إلى اعتقاد لنفي ذلك المعلوم ، ويفعل لمن لم يسبق ، وهذا يقتضي أن يفعل
__________________
(١) قال الشيخ أبو الفضل علي بن الحسن الطبرسي في تفسيره في ذيل تفسير قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر : ١] : «قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا ان كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله إن فعلت تؤمنون؟ قالوا : نعم ، وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فرقتين ورسول الله ينادي يا فلان يا فلان اشهدوا اشهدوا. وروى أيضا عن ابن مسعود أنه قال : والّذي نفسي بيده لقد رأيت حراء بين فلقي القمر. وعن جبير بن مطعم قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى صار فرقتين على هذا الجبل ، فقال ناس : سحرنا محمد!! ، فقال رجل : ان كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم.
وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود ، وأنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجبير بن مطعم ، وعليه جماعة المفسرين».
انظر : «التبيان في تفسير القرآن للطوسي ، مجمع البيان للطبرسي ، تفسير الطبري ، تفسير فخر الرازي ، تفسير الآلوسي ، تفسير الكشاف ، وأيضا : صحيح البخاري ، كتاب المناقب باب ٢٧ ح ٣٦٢٧ وكتاب مناقب الأنصار باب ٦٣ ح ٣٨٦٨ ، فتح الباري ٦ : ٦٣١ و ٧ : ١٨٣ و ٨ : ٦١٧ ، صحيح مسلم كتاب المنافقين باب انشقاق القمر ح ٤٣ ـ ٤٧ ـ ٤٨. مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٧٧ و ٤١٣ و ٤٤٧ ، ٣ : ٢٧٥ و ٢٧٨ ، ٤ : ٨٢ البداية والنهاية ٣ : ١٢١ ، دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٢٦٨ ـ ٢٦٢.
(٢) قال الماوردي الشافعي في (أعلام النبوة) : ١٩٥ : «ومن آياته صلىاللهعليهوآلهوسلم أن مكرزا العامري أتاه فقال : هل عندك من برهان نعرف به انك رسول الله؟ فدعا بتسع حصيات فسبحن في يده فسمع نغماتها من جمودتها».
(٣) وهي النصوص الدالة صراحة على وصاية علي بن أبي طالب عليهالسلام لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وتقدمه على من سواه في أمر الخلافة الشرعية.
(٤) زيادة من النسخة الحجرية.