العلم الضروري بالنص الجلي للشيعة ، لأنهم لم يسبقوا إلى اعتقاد يخالفه ، وكذلك المسلمون في المعجزات التي ذكرناها. وذلك أنه يمكن أن يقال :
إن المعلوم في نفسه إذا كان من باب ما يمكن السبق إلى الاعتقاد لنفيه إما لشبهة ، أو تقليد لم يجر الله تعالى العادة بفعل العلم الضروري. وإن كان مما لا يجوز أن يدعو العقلاء داع إلى اعتقاد نفيه ، ولا تعرض لشبهة في مثله ، ـ كالخبر عن البلدان ـ وجاز أن يكون العمل به ضروريا عند الخبر على ما ذكرناه.
وليس لأحد أن يقول ، أجيزوا أن يكون في العقلاء المخالطين لنا السامعين للأخبار من سبق إلى اعتقاد منع (١) من فعل العلم الضروري له ، فإذا أخبركم بأنه لا يعرف بعض البلدان الكبار ، والحوادث العظام ، مع سماعه الأخبار ، وكمال عقله ، كان صادقا.
وذلك أنا نعلم ضرورة أنه لا داعي للعقلاء يدعوهم إلى سبق اعتقاد نفي بلد من البلدان أو (حادث عظيم من الحوادث ، ولا شبهة تدخل في مثل ذلك ففارق هذا الباب) (٢) أخبار المعجزات والنص ، لأن كل ذلك مما يجوز السبق فيه إلى الاعتقادات الفاسدة للدواعي المختلفة» (٣) وليس من شرط المخبرين أن يكونوا مؤمنين ، ولا أن يكون فيهم حجة حتى يقع العلم بخبرهم ، لأن الكفار قد يخبرون عن أشياء يعلمونها ضرورة ، فيحصل لنا العلم عند خبرهم ، فلو (٤) كان ذلك شرطا صحيحا لاستحال ذلك.
وليس أيضا من شرط وقوع العلم تصديق جميع الناس لخبرهم ، لأن العلم بتصديقهم كلهم لا يقع إلا بمشاهدتهم وذلك متعذر ، أو بالخبر عن حالهم وذلك يوجب وقوع العلم بخبر طائفة وإن لم يعلم أن غيرهم مصدقون لهم.
__________________
(١) منع بالعادة.
(٢) زيادة من النسخة الحجرية.
(٣) نهاية الفقرة المنقولة عن كتاب (الذخيرة : ٣٥٠ ـ ٣٤٩) للشريف المرتضى.
(٤) ولو.