يفعل بمجرى العادة عند إخبار جماعة مخصوصة؟
وليس له أن
يدعي : أن ذلك غير مقدور له تعالى ، كما يقول : إن العلم بذاته تعالى لا يوصف
بالقدرة عليه ، لأنه يذهب إلى أن العلم بالمدركات قد يكون من فعل الله تعالى على
بعض الوجوه ، وليس يفعل العلم بذلك إلا وهو في مقدوره. وليس كذلك على مذهبه العلم
بذاته تعالى لأنه لا يصح وقوعه منه على وجه من الوجوه ، وعلى هذا أي فرق بين أن
يفعل العلم بالمدرك عند إدراكه ، وبين أن يفعل هذا العلم بعينه عند بعض الأخبار
عنه؟ وإنما لم يجز أن يكون المشاهد مستدلا عليه ، لأن المشاهد معلوم ضرورة للكامل
العقل.
ولا يصح أن يستدل وينظر فيما يعلمه ، لأن من شرط صحة النّظر
ارتفاع العلم بالمنظور إليه.
وأما الشبهة الثانية
: فبعيدة عن الصواب ، لأنها مبنية على الدعوى ، لأن خصومه لا يسلمون أن العلم
بمخبر الأخبار عن البلدان وما جرى مجراها يقع عقيب التأمل لصفات المخبرين ، بل
يقولون إنه يقع من غير تأمل لأحوال المخبرين ، وأنه إنما يعلم أحوال المخبرين بعد
حصول العلم الضروري له بما أخبروا عنه .
وتعلق من ذهب إلى أن هذا العلم ضروري بأشياء :
منها : أن
العلم بمخبر هذه الأخبار لو كان مكتسبا وواقعا عن تأمل حال المخبرين ، وبلوغهم إلى
الحد الّذي لا يجوز أن يكذبوا ، لوجب أن يكون من لم يستدل على ذلك ولم ينظر فيه من
العوام والمقلدين وضروب من الناس لا يعلمون
__________________