فصل ـ [٢]
«في أن الأخبار قد يحصل عندها العلم ،
وكيفية حصوله ، وأقسام ذلك»
حكي عن قوم يعرفون بالسمنية (١) أنهم أنكروا وقوع العلم بالأخبار ، وعندها خصوا العلم بالإدراكات (٢) دون غيرها.
وهذا مذهب ظاهر البطلان ، لا معنى للتشاغل بإبطاله والإكثار في رده ، لأن المشكك فيما يحصل من العلم عند الإخبار كالمشكك فيما يحصل عند المشاهدة وغيرها من ضروب الإدراكات من السوفسطائية (١) ، وأصحاب العنود ، ومدخل الشبهات في هذا كمدخل الشبهات في ذلك ، لأن نفوسنا تسكن إلى وجود البلدان
__________________
(١) أو السمنية وهي من مذاهب الهند البائدة ، وبناء على رواية ابن النديم في الفهرست فإنه كان لهم نبي يسمى بوداسف ، وقد انتشرت هذه الديانة في الهند وما وراء النهر وخراسان إلى أن ظهر زرادشت (نبي المجوس) فزالت السمنية عن هذه البلاد كلها وبقيت لها شرذمة قليلة. ومن عقائد السمنية : القول بالتناسخ ، وقدم العالم ، وإبطال النّظر والاستدلال ، وزعموا أنه لا معلوم إلا من جهة الحواس الخمس ، وأنكر أكثرهم المعاد والبعث ، وكانوا يعتقدون بأن (أعظم الأمور التي لا تحل ولا يسع الإنسان أن يعتقدها ولا يفعلها قول لا في الأمور كلها).
انظر : تحقيق ما للهند للبيروني : ١٩ ، الفهرست : ٤٠٨.
(٢) في الأصل : الإدراك.
(٣) وهم الذين يعتقدون بأنه لا محسوس ولا معقول في العالم الخارجي ، وما هو محسوس ومعقول فهو من نتاج الوهم والخيال.