التي لم نشاهدها مثل الصين ، والهند ، والروم ، وغير ذلك مما لم نشاهدها ، وإلى وجود الملوك وغيرهم ، وإلى هجرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى وقوع المغازي ، وحصول الوقائع الحادثة في الأيام الماضية ، كما تسكن إلى العلم بالمشاهدات ، فمن ادعى فيما يحصل عند الإخبار أنه ظن وحسبان كمن ادعى ذلك في المشاهدات.
وهذا القدر كاف في إبطال هذا المذهب لأنه ظاهر البطلان.
فأما كيفية حصول هذا العلم فقد اختلف العلماء في ذلك :
فذهب أبو القاسم البلخي (١) ومن تبعه إلى أن الأخبار المتواترة التي تحصل عندها العلوم لكل عاقل كلها مكتسبة (٢).
وإلى ذلك كان يذهب شيخنا أبو عبد الله (٣) رحمهالله.
وذهب أبو علي (٤) وأبو هاشم ، والبصريون (٥) وأكثر الفقهاء ، وأصحاب الأشعري إلى أن العلم بهذه الأخبار يحصل ضرورة من فعل الله تعالى لا صنع للعباد فيها (٦).
__________________
(١) هو أبو القاسم عبد الله ، بن أحمد ، بن محمود الكعبي البلخي ، من أعلام المعتزلة ، وأعيانها ، أصله من بلخ ، عاش ببغداد وتتلمذ بها على الخياط مدة طويلة ثم عاد إلى مسقط رأسه وتوفي عام ٣١٧ ه (أو ٣١٩ ه) وعرف أتباعه باسم الكعبية. له كتاب (المقالات) و (قبول الاخبار ومعرفة الرّجال).
(٢) انظر : «المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٨١ ، التبصرة : ٩٣ ، المنخول : ٢٣٦ ، شرح اللمع ٢ : ٥٧٥ ، الذخيرة في علم الكلام : ٣٤٥ ، وهو مختار الغزالي في (المنخول : ٢٣٦ ولكن تراجع عن ذلك في المستصفى ١ : ٨٥ ، وادعى فيه الضرورة) وكذلك الرازي والجويني».
(٣) يقصد به الشيخ المفيد رحمهالله ، وقد صرح المفيد بقوله هذا في كتابه أوائل المقالات ص ٨٩ باب ٧٣.
(٤) هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، ولد سنة ٢٣٥ ه في جبا بخوزستان. درس على أبي يعقوب الشحام الّذي كان رأس المعتزلة بالبصرة ، وأصبح الجبائي رئيسا لهذه المدرسة بعد موت شيخه ، وظل هكذا إلى أن توفي. ومن تلاميذه أبو الحسن البصري. كان الجبائي يعتقد أن صفات الله هي عين ذاته. له تصانيف كثيرة.
(٥) أي متكلمو البصرة من أتباع مدرسة الاعتزال البصري.
(٦) انظر : «أوائل المقالات : ٨٩ باب ٧٣ ، المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٨١ ، المنخول : ٢٣٨ ـ ٢٣٥ ، الذخيرة في علم الكلام : ٣٤٥ التبصرة : ٢٩٣ ، الأحكام للآمدي ٢ : ١٨ ، الإبهاج ٢ : ١٨٦».