لأنه إن أخبر عنهما بالصدق فأحدهما كاذب ، وإن أخبر عنهما بالكذب فأحدهما صادق ، فعلى الوجهين جميعا يكون الخبر كذبا. وهذا أولى مما قاله أبو هاشم (١) من أن تقدير هذا الكلام تقدير خبرين : أحدهما يكون صدقا ، والآخر يكون كذبا ، لأن ظاهر ذلك أنه خبر واحد ، فتقدير كون الخبرين فيه ترك الظاهر.
وليس من شرط كون الخبر صدقا أو كذبا علم المخبر بما أخبر به ، وإنما ذلك شرط في حسن (٢)* إخباره به ، ويفارق ذلك حكم (٣) العلم لأن الاعتقاد قد يخلو من أن يكون علما أو جهلا بأن يكون تقليدا ليس معه سكون النّفس.
والخبر على ضربين :
أحدهما : يعلم أن مخبره على ما تناوله الخبر.
والآخر : لا يعلم ذلك فيه ، وهو على ضربين.
أحدهما : يعلم أنه على خلاف ما تناوله الخبر.
والآخر : متوقف فيه.
فأما الخبر الّذي يعلم أن مخبره على ما تناوله الخبر فعلى ضربين :
أحدهما : يعلم ذلك ، ويجوز أن يكون ضرورة أو اكتسابا.
والآخر : يقطع على أنه يعلم ذلك استدلالا (٤).
فالأوّل نحو العلم بالبلدان ، والوقائع ، والملوك ، ومبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهجرته ، وغزواته ، وما يجري مجرى ذلك ، فإن كل ذلك (٥) من الأمرين
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٧٤.
(٢) * هذا يدل على أن الإخبار بما يكون مظنونا ليس بحسن.
(٣) حال.
(٤) بالاستدلال.
(٥) واحد.