وإن كان مشتركا بين أشياء ، قطع على أنه لم يرد ما خصه بأنه غير مراد ، وتوقف في الباقي وانتظر البيان.
ومتى كان اللفظ مشتركا ولم يقرن به دلالة أصلا ، وكان مطلقا ، وجب التوقف فيه وانتظار (١) البيان ، لأنه ليس بأن يحمل على بعضه بأولى من أن يحمل على جميعه ، وتأخير البيان عن وقت الخطاب جائز.
فإن كان الوقت وقت الحاجة وأطلق اللفظ ، وجب حمله على جميعه ، لأنه ليس بأن يحمل على بعضه بأولى من بعض ، ولو كان أراد بعضه لبينه ، لأن الوقت وقت الحاجة.
وهذا الّذي ذكرناه أولى مما ذهب إليه قوم من أنه إذا أطلق اللفظ وجب حمله على جميعه على كل حال (٢)* ، لأنه لو أراد بعضه لبينه ، لأن لقائل (٣) أن يقول :
لو أراد الجميع لبينه ، فيجب حمله على بعضه ، ويتعارض القولان ويسقطان.
وإنما حملهم على هذا قولهم : إن تأخير بيان المجمل لا يجوز عن وقت الخطاب ، وعندنا أن ذلك جائز على ما نستدل (٤) عليه فيما بعد ، فمتى كان الوقت وقت الحاجة وجب حمل اللفظ على أنه أراد به الجميع ، ثم ينظر فيه ، فإن أمكن الجمع بينها وجب القطع على أنه أراد به ذلك على طريق الجمع بينهما ، وإن لم يمكن الجمع بينها وجب القطع على أنه أراد به الجميع على وجه التخيير.
وذهب قوم إلى أنه يجوز أن يريد من كل مكلف ما يؤديه اجتهاده إليه.
وهذا يتم لمن قال : إن كل مجتهد مصيب ، وعندنا أن ذلك باطل ، فلا وجه غير التخيير ، وعلى هذا ينبغي أن تحمل القراءتان المختلفتا (٥) المعنى إذا لم يكن هناك
__________________
(١) انتظر.
(٢) * أي سواء كان وقت الحاجة أو قبله.
(٣) في الأصل : للقائل.
(٤) سندل.
(٥) القراءتين المختلفي.