وقولهم : «إنه لو أراد به بعض الوجوه لبينه» ينعكس عليهم بأن يقال : لو أراد به جميع الوجوه لبينه ، وليس أحد القولين أولى من الآخر ، فالأولى الوقف.
فإن فرضنا أن الوقت وقت الحاجة ولم يبين المراد من تلك الوجوه ، وجب حمله على جميعه لأنه ليس حمله على بعضه بأولى من بعض ، فإن دل الدليل على أنه أراد بعض تلك الوجوه وجب حمله عليه والقطع على أنه لم يرد غيره ، لأنه لا ظاهر هناك يمكن حمله على جميعه بخلاف ما نقوله في العموم ، أو ما له ظاهر. ومتى دل (١) على أنه أراد به الخاصّ وغيره ، وجب القطع على أنه أراد الخاصّ باللفظ ، وما عداه مراد بدليل ، وذلك نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(٢) الآية ، فإنه قد علم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مراد باللفظ ، ومن عداه من الأمة مراد بدليل.
وأما العام : فإذا ورد ينبغي حمله على ظاهره ، فإن دل الدليل على أنه أراد غير ما اقتضاه الظاهر وجب حمله عليه ، وإن دل الدليل على أنه أراد جميع تلك الأشياء وجب حمله عليها (٣).
وإن دل الدليل على أنه ما أراد به بعضها ، وجب القطع على أنه مراد وما عداه يتوقف فيه ، لأن كون أحدهما مراد لا يمنع من أن يريد به الآخر ، على ما سنبينه فيما بعد (٤).
وإن دل الدليل على أنه لم يرد أحدهما ، وكان اللفظ مشتركا بين شيئين وجب القطع على أنه أراد به الآخر ، وإلا خلا الخطاب من أن يكون أريد به شيء أصلا.
__________________
(١) يدل.
(٢) الطلاق : ١
(٣) وإن دل الدليل على أنه أراد بعض ما يتناوله اللفظ ، لم يكن ذلك مانعا من أن يريد الباقي ، وجب حمله على أنه أراد به الكل بحكم اللفظ.
(٤) وإن دل الدليل على أنه ما أراد به بعض ما تناوله اللفظ ، فينبغي أن يخرج ذلك منه ويقطع على أن الباقي مراد بحكم اللفظ ، ولا يجب التوقف فيه لأن له ظاهرا بخلاف ما تقدم في الخاص ، ومتى ورد لفظ مشترك بين شيئين أو أشياء ، فإن دل الدليل على أنه أراد جميع تلك الأشياء وجب حمله عليها ، وإن دل الدليل على أنه أراد بعضها وجب القطع على أنه مراد وما عداه يتوقف فيه لأن كون أحدها مرادا لا يمتنع من أن يريد به الآخر على ما سنبينه فيما بعد.