حمل أوّل الآية عليه.
ومثل قوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(١) ، ثمّ قال بعد ذلك (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٢) فكان أوّل الآية عامّا في جميع النّساء ، وإن كان جواز العفو مخصوصا بمن يملك أمره منهنّ ويصحّ عفوهنّ دون من لا يصحّ ذلك منه ، فلا يجب تخصيص أوّل الآية بهنّ بل كان عامّا في سائر النّساء.
وكذلك إذا ذكرت جملة عامّة وعطف عليها جملة خاصّة ، لا يجب من ذلك حمل الأدلّة عليها ، بل يجب حمل الأولى على عمومها ، والثانية على خصوصها وذلك نحو قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٣) ثمّ قال بعد ذلك عاطفا على ذلك : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) وذلك يختصّ الرّجعيّات ، ولا يجب من ذلك حمل أوّل الآية عليه ، بل كان عامّا فيهنّ وفي غيرهنّ ممّن لا يمكن مراجعتهنّ.
ومثل ذلك قوله تعالى : (اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ)(٤) كان ذلك عامّا في جميعهنّ ، ثمّ قال : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) ، ولا يجب من ذلك حمل أوّل الآية عليهنّ ، ولذلك نظائر كثيرة.
والّذي ينبغي أن يحصّل في هذا الباب (٥)* أنّه إذا ورد لفظ عام ثمّ وصف
__________________
إلى أنّ لها النفقة والسّكنى معا ، وروي ذلك عن عمر بن الخطّاب ، وابن مسعود ، وذهب الحسن وأبو ثور إلى أنّه لا سكنى لها ولا نفقة وهو المرويّ عن أئمّة الهدى عليهمالسلام ، وذهب إليه أصحابنا ، ويدلّ عليه ما رواه الشعبي قال : دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة فسألتها عن قضاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقالت : طلّقني زوجي البتة فخاصمته إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتدّ في بيت أمّ مكتوم».
(١) البقرة : ٢٣٦.
(٢) البقرة : ٢٣٧.
(٣) البقرة : ٢٢٨.
(٤) الطلاق : ٤.
(٥) * حاصله : أنّ الشّرط والصفة إذا علم أنّهما لا يتحقّقان في جميع ما تناوله اللفظ بحسب الوضع أي علم أنّهما مخصّصان لا لمحض البيان أو التّأكيد أو نحوهما ، فإن تعلّقا بجميع اللفظ يكون المشروط والموصوف