إلى أنّه جمع بينهما بعرفة ، فلا يصحّ ادّعاء العموم فيه.
فأمّا إذا روي أنّه كان يجمع بين الصّلاتين في السّفر (١) فيصحّ التّعلّق به ، لأنّ ذلك يفيد تكرار ذلك في حال السّفر وأنّ ذلك عادته.
فأمّا من ضعّف هذا الوجه بأن قال : إنّما يفيد لفظة «كان» أنّه فعل ذلك فيما مضى ولا يفيد التّكرار ، فلا يصحّ التّعلّق به ، فغير صحيح ، لأنّه وإن أفاد الإخبار عمّا مضى ، فإنّه يفيد تكرار الفعل مع ذلك ، ألا ترى أنّ القائل إذا قال : «كان فلان القاضي يحكم بالشّاهد واليمين» لا يفهم من ذلك إلّا أنّه كان ذلك عادته في جميع الأحكام؟
وكذلك إذا قال : «كان أبو حنيفة يقول بتحليل النبيذ ، وكان الشّافعي يقول بتحريمه» لم يفهم من ذلك إلّا أنّ ذلك كان عادتهما وقولهما في جميع الأحوال ، ولا يسبق إلى قلب أحد أنّهما قالا ذلك دفعة واحدة ، وإنّما كانت فيما مضى ، فعلم بذلك أنّ الأولى ما ذكرناه.
وإن كان يفيد الحكم فيما يسأل عنه نظر فيما سئل عنه :
فإن كان واقعا على وجه واحد فالجواب بحسبه ، وإن كان ذلك غير معلوم من حاله كان الجواب في حكم العموم ، وذلك نحو أن يسأل عليهالسلام عن رجل أفطر في رمضان عليه الكفّارة أو لا ، ولا يعلم بما ذا أفطر ، فمتى أجاب بإيجاب الكفّارة صار كأنّه قال : «كلّ من أفطر فعليه الكفّارة» ، واقتضى ذلك عموم وجوب الكفّارة على كلّ مفطر.
ومتى كان المعلوم للرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه أفطر بوجه واحد ، وكان سؤاله ينبئ عن ذلك لفظا أو معنا فجوابه عليهالسلام مصروف إليه ولا يتعدّى به إلى غيره إلّا بدليل.
وعلى هذا إذا سئل عليهالسلام عمّن زنا فأمر برجمه كان قوله ـ وإن لم يكن عامّا في اللّفظ ـ فهو في حكم العموم في أنّه يقتضي رجم كلّ زان.
__________________
(١) لاحظ تخريج الحديث في هامش رقم (٤) صفحة ٣٧٤.