عليه وآله وسلّم بالشّاهد واليمين» فهم منه حكاية فعل لا غير ، وليس كذلك إذا روي أنّه : «قضى أنّ الخراج بالضّمان» (١) «وأنّ الشّفعة للجار» (٢). لأنّه يسبق إلى الفهم أنّه قال ذلك قولا لا فعلا.
إلّا أنّه وإن كان كذلك ، لا يقتضي صحّة التعلّق به ، لأنّه لا يعلم أنّه قال ذلك بقول يقتضي العموم ، أو بقول يقتضي الخصوص ويفيد الحكم في تلك العين ، وإذا كان كذلك صار مثل الأوّل في أنّه ينبغي أن يلحق بالمجمل.
وإذا ثبت هذه الجملة ، فلا يصحّ التعلّق بما روي أنّه : «قضى بالشّاهد واليمين» و «أنّ الخراج بالضّمان» لما قلناه ، إلّا أن يدلّ دليل على إلحاق غيره به فيحكم به.
وعلى هذا لا يصحّ لأصحاب مالك أن يحتجّوا فيمن أفطر في شهر رمضان بأيّ وجه كان فعليه الكفّارة بما روي أنّ رجلا أفطر فأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم بالكفّارة ، لأنّ الرّجل إنّما سأله عن حكاية فعل ولم يسأله عن حكم من أفطر ، وأطلق القول ، فقال عليهالسلام : «فعليه الكفّارة» (٣) ، لأنّه لو كان كذلك لكان يصحّ التّعلّق به ، ولكان يجري مجرى أن يقول : «من أفطر فعليه الكفّارة» ، فإذا قال ذلك أفاد العموم في كلّ ما يفطر به.
وكذلك لا يصحّ التّعلّق بما روي عنه عليهالسلام أنّه جمع بين الصّلاتين (٤) ، في السّفر في جواز الجمع ، لأنّ ذلك حكاية فعل.
ولمن خالف في ذلك أن يحمله على جمع مخصوص في بعض الأسفار ، أو
__________________
(١) كنز العمّال ٤ : ٩٣ رقم ٩٦٩٨.
(٢) كنز العمّال ٧ : ٨ رقم ١٧٧١٠.
(٣) روى مالك في موطئه ١ ـ كتاب الصّيام ، باب (٩) حديث رقم ٢٨ بسنده عن أبي هريرة : «أنّ رجلا أفطر في رمضان ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكفّر ...».
(٤) روى البخاري بسنده عن ابن عبّاس رضي الله عنهما : «قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجمع بين صلاة الظّهر والعصر إذا كان على ظهر سير ، ويجمع بين المغرب والعشاء». صحيح البخاري : كتاب الصلاة ، ب ٦ أبواب تقصير الصلاة ـ باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء.