فصل ـ [١٧]
«في ذكر ما الحق بالعموم وليس منه ، وما أخرج منه وهو منه»
الأفعال لا يصحّ ادّعاء العموم فيها ، لأنّها لا تقع إلّا على وجه واحد ، فينبغي أن يراعى (١) الوجه الّذي وقع عليه الفعل ، فإن علم صحّ التّعلّق به ، وجرى ذلك مجرى النّص على عيّن واحدة ، وإن لم يعلم الوجه الحق بالمجمل.
وإذا ثبت ذلك ، فلا يصحّ أن يتعلّق بما روي أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «قضى بالشّاهد واليمين» (٢) ، وقضى «أنّ الخراج بالضّمان» (٣) لأنّ ذلك حكاية فعل.
ومن النّاس من فرّق فقال : إذا روي أنّه «قضى بكذا وكذا» لا يصحّ التّعلّق به لأنّه ينبئ عن الفعل ، وإذا روي أنّه «قضى كذا وكذا فيه كذا وكذا» ، صحّ التّعلّق به ، لأنّه ينبئ عن أنّه قال ذلك.
ومن النّاس من سوّى بين اللّفظين وقال : لا فرق بينهما في أنّه لا يصحّ التّعلّق به ، وقال : لا يمتنع أن يقال في القضاء الّذي هو الحكم في القضيّة المقضيّ فيها هذا القول.
والأولى عندي أن يكون بينهما فرق ، لأنّه إذا قال : «قضى رسول الله صلّى الله
__________________
(١) في الأصل : تراع.
(٢) المغني لابن قدامة ١٢ : ١٣.
(٣) كنز العمّال ٤ : ٩٣ رقم ٩٦٩٨.