على الجميع ، وكذلك آية الظّهار (١) وردت في سلمة بن صخر (٢) وحملت على كلّ مظاهر وهذا بيّن ، وإنّما حملناه على السّبب إذا لم يفد بنفسه ، لأنّ الظاهر (٣) أوجب ذلك ، فليس يجب حمل ما استقلّ بنفسه من الجواب على ما لا يستقلّ بنفسه لمفارقته في علّته.
فأمّا تعلّقهم بأنّه لو لم يرد السّبب لم يكن يتأخّر الخطاب إلى وقت حدوثه ، فلمّا أخّره إلى ذلك الوقت علم أنّه المراد ، فبعيد ، لأنّه لا يمتنع أن يكون الصّلاح في تأخيره إلى ذلك الوقت ، ولا يمتنع ذلك من بيان حكم غير السّبب معه ، ولو وجب ذلك لوجب حمل الكلام على عين السّائل ، وعلى ذلك الوقت والمكان لهذه العلّة ، وذلك ظاهر الفساد.
وقولهم : إنّ من حقّ الجواب أن يطابق السّؤال ، وإنّ ذلك يوجب حمل الكلام على السّبب ، فغلط ، لأنّ من حقّ الجواب أن ينتظم بيان ما سئل عنه ، وأنّه لا يقتضي غيره غلط ، لأنّ فيه إخراجه من كونه جوابا. فأمّا إذا اقتضى بيان حكمه وحكم غيره ، فقد حصل جوابا له وزاد عليه ، ولا يمنع هذه الزّيادة من كونه جوابا لما لو بيّن حكمه فقط لكان جوابا ، لأنّه في الحالين حصل به بيان السّؤال.
وهذه جملة كافية في هذا الباب.
__________________
(١) وهي قوله تعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ ...) المجادلة : ٤ ـ ٢.
(٢) هو سلمة [أو سلمان] بن صخر بن سلمان الخزرجيّ البياضي ، صحابيّ ، ويقال هو الّذي ظاهر امرأته فنزلت آية الظّهار ، ولم يرو عنه إلّا حديث مسند واحد في صحاح أهل السّنّة وهو حديث الظّهار.
(٣) في الأصل : الضرورة.