المجيب ، وذلك في نحو قوله عليهالسلام للسّائل «توضّأ كما أمرك الله تعالى» (١) فأحاله على الآية.
والّذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه وجوه :
منها : ما ذكره أبو عبد الله البصريّ (٢) وهو : «أنّ كلامه عليهالسلام هو الدّلالة على الحكم ، فيجب أن يعتبر صفته في الدّلالة دون صفة غيره ، فإذا كان عامّا دلّ على حسب دلالة العموم ، وكذلك إن كان خاصّا ، كما أنّه يعتبر صفته في كونه أمرا ونهيا وإباحة».
ومنها : أنّ العموم لو انفرد عن السّبب لوجب حمله على عمومه ، فكذلك إذا أخرج عند السّبب ، لأنّ ذلك ممكن فيه لأنّ السّبب لم يؤثّر فيه ، لأنّه ليس ينافي السّبب بيانه عليهالسلام لحكم غيره ، كما لا ينافي بيانه لحكمه ، فيجب حمله على جميعه.
ومنها : أنّه لو ابتدأ عليهالسلام لكم النّهي والسّبب حاصل ، فخاطب بالعموم ، ولمّا سئل عنه لوجب حمله عليه ، فكذلك إذا سئل عنه ، لأنّ قصده عليهالسلام في الحالين لم يختلف ، وإن كان مبتدئا للحكم في أحدهما ومجيبا للآخر ، وعلى ذلك حمل الفقهاء خطاب الله تعالى في آية اللّعان (٣) وإن خرجت على سبب هلال بن أميّة العجلاني على كلّ رام زوجته ، وآية القذف (٤) وردت فيمن تكلّم في عائشة وحملت
__________________
(١) نصب الرّاية لأحاديث الهداية ١ : ٣٦٧.
(٢) هو الشّيخ أبو عبد الله الحسين بن علي البصري الكاغذي المعروف بالجعل ، تتلمذ على أبي عليّ بن خلّاد وأبي هاشم ولازم مجلس أبي الحسن الكرخي ، ولكنّه بلغ بجده واجتهاده مرتبة عالية ، عدّ من أعيان المعتزلة وفي الطبقة العاشرة من أعلامهم ، كان يميل إلى العلويين ويقدّم أهل البيت عليهمالسلام على من سواهم وصنّف في ذلك كتاب «التفصيل» توفّي سنة ٣٦٧ أو ٣٦٩ ه عن عمر ناهز الثّمانين.
(٣) وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ ...) النور : ٦.
(٤) وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ...) النور : ٤.