حال (١)* وذلك نحو ما روي عنه عليهالسلام أنّه سئل عن بيع الرّطب بالتّمر فقال : «أينقص إذا يبس؟» ، قيل له : نعم ، فقال : «فلا إذا» (٢)
فأمّا إذا سئل عن أشياء فلا يخلو أن يكون الوقت وقت الحاجة ، أو لا يكون كذلك :
فإن كان وقت الحاجة ، فلا يجوز إلّا أن يجيب عن جميعه في الحال ، وإن كان قد تقدّم منه بيان آخر يمكن الوصول إليه ، لأنّ الوقت وقت الحاجة فلا يسوغ منه عليهالسلام إلّا أن يبيّن له الجواب عمّا سئل عنه. ألا ترى أنّ المستفتي إذا استفتى عن شيء مسّت الحاجة إليه لم يسع له ألا يفتي فيه؟ فالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك أولى.
وإذا لم يكن الوقت وقت الحاجة فلا يخلو السّائل من أن يكون من أهل الاجتهاد أو لا يكون كذلك ، فإن كان ممّن يمكنه الوصول إلى ذلك ، وقد تقدّم منه عليهالسلام بيان لذلك ، جاز أن لا يجيب عنه ويحيله على ما تقدّم من البيان ، وكذلك قال عليهالسلام لعمر لمّا سأله عن الكلالة فقال : «تكفيك آية الصّيف» (٣) ، وقال له أيضا وقد سأله عن القبلة للصّائم فقال : «أرأيت لو تمضمضت بماء ثمّ مججته (٤)* أكان يضرّك؟» قال : لا ، قال : «ففيم إذا؟» (٥) ، فنبهه على الجواب.
إن كان السّائل عاميّا يجوز أيضا أن يحيله على بيان ظاهر ويكون في حكم
__________________
(١) * أي وجب قصره عليه وليس فيه تقسيم.
(٢) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ : ٢٣٤ حديث ٤٩٨٢.
(٣) قال القرطبي في تفسيره (٦ : ٢٩) للآية ١٧٦ من سورة النساء : «هذه الآية تسمى بآية الصّيف ، لأنّها نزلت في زمن الصّيف ، قال عمر : إنّي والله لا أدع شيئا أهمّ إليّ من أمر الكلالة ، وقد سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها ، حتّى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثمّ قال : «يا عمر ألا تكفيك آية الصّيف الّتي أنزلت في آخر سورة النساء»!
(٤) * مجّ الشّراب من فيه رمى به.
(٥) كنز العمّال ٨ : ٦١٥ رقم ٢٤٤٠١.