وذهب الباقون (١) : إلى أنّ الواجب حمل الكلام على ظاهره دون السّبب إذا أمكن ذلك فيه ، وهو مذهب جماعة من أصحاب الشّافعي (٢) ، ومذهب أبي الحسن (٣).
وقالوا : إنّه إذا لم يمكن حمله على ظاهره ، ولم يفد إلّا إذا علّق به ، قصر عليه.
والّذي نذهب إليه : أنّ كلامه عليهالسلام لا يخلو من أن يكون مطابقا للسّبب من غير زيادة عليه أو يكون أعمّ منه :
فإن كان مطابقا له من غير زيادة عليه ، فلا خلاف أنّه يجب حمله عليه.
ومتى كان أعمّ منه ، وجب حمله على ظاهره ولا يقصر على سببه ، وهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون أعمّ منه في الحكم (٤)* الّذي يسأل عنه ، نحو ما روى عنه عليهالسلام أنّه سئل عمّن ابتاع عبدا فاستغلّه ثمّ وجد فيه عيبا فقال عليهالسلام :
«الخراج بالضمان» (٥) وذلك يتناوله ويتناول كلّ بيع وكلّ مضمون.
ومنه ما يكون عاما في ذلك الحكم وفي حكم آخر يسأل عنه ، نحو ما روي عنه عليهالسلام أنّه سئل عن ماء البحر أيتوضّأ به؟ فقال : «هو الطّهور ماؤه ، والحل ميتته» (٦) فأجاب بما يقتضي جواز التّوضّؤ به ، وبما يقتضي جواز سائر الأحكام من الشّرب وإزالة النّجاسة وغير ذلك.
فأمّا إذا كان كلامه متى لم يعلّق بالسّبب لم يفد ، وجب تعليقه به على كلّ
__________________
(١) راجع : «المعتمد ١ : ٢٨٣ ـ ٢٧٩ ، أصول السرخسي ١ : ٢٧١ ، روضة النّاظر : ٢٠٥ ، ميزان الأصول ١ : ٤٨١».
(٢) أمثال إمام الحرمين الجويني ، وأبي إسحاق الشّيرازي ، وأبي حامد الغزالي ، والرازي وغيرهم.
(٣) هو أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي من أئمّة الحنفية.
(٤) * المراد أن يكون الحكم واحدا ومحلّ الحكم أعمّ.
(٥) كنز العمّال ٤ : ٩٣ رقم ٩٦٩٨.
(٦) كنز العمّال ٩ : ٥٧٢ رقم ٢٧٤٧٣.