المعلوم من دين أهل اللغة أن استعمالهم لفظة الحمار في البليد ، والأسد في الشجاع مجاز دون الحقيقة.
وكذا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ)(١) بمعنى يؤذون أولياء الله ، (وَجاءَ رَبُّكَ)(٢) بمعنى جاء أمر ربك ، وقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٣) بمعنى أهل القرية ، أن كل ذلك مجاز.
فإن دفع ذلك استعمالا ، فما ذكرناه دلالة عليه.
وإن قال : لا أدفعه استعمالا إلا أني أقول إنه حقيقة ، كان مخالفا لاستعمال أهل اللغة وإطلاقهم ، ويحتج عليه بالرجوع إلى الكتب المصنفة في المجاز (٤).
والوجه الّذي يستعمل عليه المجاز كثير وينضبط ، وقد ذكر بعضه في الكتب.
ولا يجوز أن يكون مجاز ولا حقيقة له ، وإنما قلنا ذلك لما بيناه من أن المجاز هو ما استعمل في غير ما وضع له ، وإذا لم يكن له حقيقة لم يثبت هذا المعنى فيه. ويجوز
__________________
القول الخامس : المنع من جواز استعمال المجاز في خطاب الله ورسوله إلا إذا ورد به النص أو قام عليه الإجماع أو الضرورة. وأما الإمامية فإنهم مطلقا يذهبون إلى جواز استعمال المجاز ووقوعه في اللغة والقرآن والحديث كما صرح بذلك الشيخ الطوسي.
(١) الأحزاب : ٥٧.
(٢) الفجر : ٢٢.
(٣) يوسف : ٨٢.
(٤) ويمكن الإشارة إلى بعض هذه المصنفات :
١ ـ كتاب (مجازات الآثار النبوية) وكتاب (تلخيص البيان في مجازات القرآن) للشريف الرضي محمد بن الحسين بن موسى العلوي (المتوفى : ٤٠٦).
٢ ـ كتاب (الحقيقة والمجاز) لعلي بن عيسى الرماني (المتوفى ٣٨٤ ه).
٣ ـ كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة (المولود ١١٠ ه).
٤ ـ كتاب (مجاز القرآن) وكتاب (المجاز من كلام العرب) لقطرب (المتوفى ٢٠٦ ه).
٥ ـ كتاب (مجاز الكلام وتصاريفه) لأحمد بن يحيى المشهور بثعلب (المتوفى ٢٩١ ه).
٦ ـ كتاب (مجاز ما جاء في شعر العرب) لابن السكيت (المتوفى ٢٤٣ ه).