مثل قولهم «مررت بزيد» ، لأنه لو قال : «مررت زيدا» لم يكن كاملا.
وأما «أو» : فالأصل فيها التخيير ، كقولهم : «جالس الحسن أو ابن سيرين». وعلى هذا حملت آية الكفارة (١).
وتستعمل بمعنى الشك كقول القائل : «أكلت كذا أو كذا» ، و «رأيت فلانا أو فلانا» ، إلا أن هذا القسم لا يجوز في كلام الله تعالى.
وقد تستعمل بمعنى «الواو» كما قال تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)(٢) وإنما أراد به ويزيدون.
وقد تستعمل بمعنى الإبهام ، مثل قول القائل : «فعلت كذا وكذا» إذا كان عالما بما فعله ، وإنما يريد إبهامه على المخاطب به.
وأما «في» : فإنها تفيد الظرف ، نحو قولهم : «زيد في الدار» ، وإن استعملت في غير ذلك (الموضع) (٣) فعلى ضرب من المجاز.
وإذ قد بينا أن الكلام ينقسم إلى حقيقة ومجاز فلا بدّ من إثباته ، لأن في الناس من دفع أن يكون في الكلام مجاز أصلا (٤). وهذا قول شاذ لا يلتفت إليه ، لأن من
__________________
(١) وهي قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) ، البقرة : ١٩٦.
(٢) الصافات : ١٤٧.
(٣) زيادة في الأصل.
(٤) نسب هذا الرّأي للحشوية ، والظاهرية ، ولأبي إسحاق الأسفراييني ، ولأبي بكر بن داود ، ولأبي العباس بن العاص ، وأبي علي الفارسي ، انظر : «المنخول : ٧٤ ، المستصفى ١ : ٦٧ ، التبصرة : ١٧٧ ، شرح اللمع ١ : ١٦٩ ، ميزان الأصول ١ : ٥٤٣ ـ ٥٢٧».
ويمكن تلخيص الأقوال في هذه المسألة بما يلي :
القول الأول : الجواز مطلقا ، وهو رأي الإمامية وجمهور أهل السنة.
القول الثاني : المنع مطلقا ، وهو رأي الحشوية والظاهرية وشرذمة من الأصوليين.
القول الثالث : المنع في القرآن خاصة والجواز في غيره : وهو المشهور عن بعض المذاهب السنية.
القول الرابع : المنع في القرآن والحديث والجواز في غيرهما : وهو المنقول عن ابن داود.