فصل ـ [١٦]
«في أنّ العموم إذا خرج على سبب خاصّ لا يجب قصره عليه»
اختلف الفقهاء في ذلك :
فمنهم من قال : إنّه يجب قصره عليه ، وإلى ذلك ذهبت طائفة من أصحاب الشّافعي (١) ، وإن كان كلام الشّافعي محتملا له ولغيره (٢).
__________________
(١) وهم إمام الحرمين الجويني ، وأبو إبراهيم المزني ، وأبو ثور الكلبي ، ومحمّد بن جعفر الدّقّاق ، وأبو بكر القفّال وغيرهم.
انظر : «التبصرة : ١٤٥ ، ميزان الأصول ١ : ٤٨١».
(٢) قال محقّق كتاب «التبصرة في أصول الفقه ص ١٤٥» (نسب إمام الحرمين في البرهان ـ كما قاله ابن السبكي ـ نسب هذا القول [أي الاقتصار على السبب الخاصّ] للإمام الشّافعي فقال : وهو الّذي صحّ عندنا من مذهب الشّافعي ، وتبع ابن الحاجب إمام الحرمين في هذه النسبة ، ولكن الحقّ الصّريح والقول الصّحيح أنّ الإمام الشّافعي لم يقل به أبدا ، والفروع الفقهيّة الّتي أوردها في الأمّ وغيره تدلّ على أنّه كان يذهب مذهب الجمهور في هذه المسألة ، ومن فهم منه أنّه يقول بخصوص السّبب إنّما فهمه على غير حقيقته ، وقد أطال ابن السبكي في الكلام عنه في كتابيه رفع الحاجب (١ : ق ٣٧٨ ب) والإبهاج (٢ : ١١٧) وبيّن أنّ مذهبه مذهب الجمهور.
وقال الأسنوي في شرحه على البيضاوي ردّا على دعوى الجويني [انظر : ميزان الأصول ١ : ٤٨١] : (وما قاله الإمام مردود فإنّ الشّافعي قد نصّ على أنّ السبب لا أثر له ، فقال في الأمّ في باب ما يقع به الطّلاق : وما يصنع السبب شيئا إنّما تصنعه الألفاظ).