ابتداء غايته منه ، وعلى هذا حمل قوله تعالى : (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى)(١) ، فإن (٢) معناه أن ابتداء النداء كان من الشجرة ، فذلك دليل على حدوث النداء.
وثالثها : أن تكون زائدة ، مثل قولهم : «ما جاءني من أحد» معناه ما جاءني أحد.
ورابعها : أن تبين تبيين الصفة ، نحو قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)(٣) معناه فاجتنبوا (٤) الرجس الّذي هو الأوثان ، ذكر ذلك أبو علي الفارسي النحوي (٥).
وقال بعضهم : أن معناها في جميع المواضع ابتداء الغاية ، وأنكر ما عدا ذلك من الأقسام.
وأما «الباء» : فتستعمل على وجهين :
أحدهما : التبعيض ، وهو إذا استعملت في الموضع الّذي (٦) يتعدى الفعل إلى المفعول به بنفسه ، ولأجل هذا قلنا أن قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(٧) يقتضي المسح ببعض الرّأس ، لأنه لو كان المراد مسح الرّأس كله لقال : «امسحوا رءوسكم» ، لأن الفعل يتعدى بنفسه إلى الرءوس.
والثاني : أن تكون للإلصاق ، وهو إذا كان الفعل لا يتعدى إلى المفعول بنفسه ،
__________________
(١) القصص : ٣٠.
(٢) وإن.
(٣) الحج : ٣٠.
(٤) اجتنبوا.
(٥) هو أبو علي ، الحسن بن أحمد الفسوي النحوي ، الفارسي. نسبة إلى ولاية فارس في جنوب إيران ، اللغوي والأديب المشهور ، كان عالما بالعربية وآدابها ، واللغة وأصولها ، تتلمذ عليه جماعة كبيرة ، كان مصاحبا لعضد الدولة الديلمي مقربا عنده ، عالي المنزلة ، وصنف له كتاب (الإيضاح) و (التكملة) و (المسائل الشيرازيات) ، توفي ببغداد سنة ٣٧٧ ه ودفن بمقبرة الشونيزي بالكرخ.
(٦) في موضع يتعدى الفعل.
(٧) المائدة : ٦.