الكافرة فلا فصل بين قوله عزوجل : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)(١) ، وبين قوله : (إلّا أن تكون كافرة) ، وهذا بيّن.
ولو سلّم أنّ ذلك زيادة لكان لا يمتنع أن يقال به قياسا عند من قال به إذا لم يكن نسخا ، وليس كلّ الزّيادة (٢)* في النّص يكون نسخا على ما نبيّنه في باب النّاسخ والمنسوخ ، وهذه الزّيادة ممّا لا توجب نسخا على ما نبيّنه.
وقد ألزم القائلون بتقييد المطلق قياسا ، ما ألزمناه من قال ذلك من غير قياس من إيجاب مسح الرّأس في التيمّم ، والإطعام في كفّارة قتل الخطأ.
وأجابوا عن ذلك بجوابين :
أحدهما : أنّ ذلك كان جائزا لكنّه منع الإجماع منه.
وهذا إنّما يصحّ على مذهب من أجاز تخصيص العلّة ، فأمّا من لم يجز ذلك فلا يمكنه هذا الجواب.
والجواب الثّاني : قالوا القياس إنّما يصحّ أن يستعمل في إثبات صفة الحكم وتقييده لا في إثبات نفس الحكم ، لأنّ إثبات عدد الشّهود بالقياس لا يجوز ، وإن جاز إثبات عدالتهم قياسا.
واعترض على هذا الجواب بأن قالوا : إنّ الأمرين واحد في جواز القول بهما قياسا ، وقد استعمل الشّافعي القياس (٣) في إثبات عبادات نحو إثبات الصّوم بدلا من هدي المحصر وغير ذلك ، كما استعمله في التقييد ، وفي إثبات الصّفات ، فلا يمكنه أن ينكر هذا على مذهبه.
فالتّعلّق بما قالوه بعيد والأولى ما قالوه أوّلا.
وهذه جملة كافية في هذا الباب.
__________________
(١) النساء : ٩٢.
(٢) لا سيّما إذا لم يتأخّر في الزمان.
(٣) انظر استدلالات الشافعي حول القياس في كتابه : «الرسالة : ٤٨٦ ـ ٤٧٦».