خلاف بين الفقهاء أنّه لا يقع إلا طلقة واحدة (١) ، فلو كانت الواو تفيد الجمع لجرى مجرى قوله : «أنت طالق تطليقتين» (٢). وقد علمنا خلاف ذلك.
وقال قوم (٣) : إن الواو تفيد الجمع والاشتراك (٤)* وهو الظاهر في اللغة نحو قولهم : «رأيت زيدا وعمرا» ومعناه رأيتهما ، وتستعمل بمعنى استئناف جملة من الكلام ، وإن لم تكون معطوفة على الأول في الحكم ، نحو قوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)(٥) على قول من قال إن المراد به الإخبار عن الراسخين بأنهم يقولون آمنا به ، لا أنهم يعلمون تأويل ذلك.
وقد تستعمل بمعنى «أو» ، كقوله تعالى في وصف الملائكة : (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٦) ، وكقوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٧) ، والمراد بذلك أو. والأشبه في ذلك أن يكون مجازا لأنه لا يطرد في كل موضع.
ومنها : «الفاء» ومعناها الترتيب والتعقيب (٨)* ، نحو قول القائل : «رأيت زيدا فعمرا ، فإنه يفيد أن رؤيته له عقيب رؤيته لزيد مع أنه بعده ، ولذلك ادخل الفاء في جواب الشرط لما كان من حق الجزاء أن يلحق (٩) بالشرط من غير تراخ. وقلنا : إن قوله
__________________
(١) المغني لابن قدامة ٨ : ٤٠٢ مسألة رقم (٦٠٠٦) ، التبصرة : ٢٣٣.
(٢) طلقتين.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٥١.
(٤) *أي تفيدهما في اللغة بدون ترتيب.
(٥) آل عمران : ٧.
(٦) فاطر : ١.
(٧) النساء : ٣.
(٨) * أي إفادة كون المعطوف بالفاء بعد المعطوف عليه بهاء ، وهو على قسمين : الأول الزماني نحو (شرب مريضي الدواء فصح) ، الثاني الذكرى وهو في شيء من حقه أن يذكر بعد شيء آخر باعتبار كونه مدلولا له نحو (وجد زيد فأوجده).
(٩) في نسخة الأصل : يستحق.