ذلك ، وهي كثيرة قد ذكرها أهل اللغة ولا نحتاج إلى ذكر جميعها ، ونحن نذكر منها ما له تعلق بهذا الباب.
فمنها : «الواو» فذهب قوم إلى أنها توجب الترتيب ، وهو المحكي عن الفراء ، وأبي عبيدة ، واحتج كثير من الفقهاء به (١).
والصحيح أنها لا تفيد الترتيب بمقتضى اللغة (٢) ، ولا يمتنع أن يقال أنها تفيد ذلك بعرف الشرع ، بدلالة ما روى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال لمن خطب فقال : (من يطع الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد هدى ، ومن يعصهما فقد غوى) «بئس خطيب القوم أنت».
فقال : يا رسول الله ، كيف أقول؟
فقال عليهالسلام قل : «ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» (٣).
فلو لا الترتيب لما كان لهذا الكلام معنى ، ولكان يفيد قوله : «ومن يعصهما» ما أفاد «ومن يعص الله ورسوله» عند من قال بأنها تفيد الجمع ، وقد علمنا خلاف ذلك.
ومنها : أن القائل إذا قال لزوجته التي لم يدخل بها «أنت طالق وطالق» ، لا
__________________
(١) وهو مختار جماعة منهم الشافعي ـ وإن لم يصرح به في رسالته ـ حيث نقل عنه ذلك ، وعليه أكثر أصحابه ، وهو اختيار الفراء ، وثعلب ، وقطرب وابن هشام وغيرهم ، راجع : «المغني لابن هشام ٢ : ٣١ (حاشية الأمير) ، ونهاية السؤل ١ : ٢٢٠ ، التبصرة : ٢٣١».
(٢) الرّأي الغالب عند أئمة اللغة عدم الترتيب ، وقد ادعى الفارسي إجماع نحاة البصرة والكوفة عليه (راجع المقتضب ١ : ١٠) وهو مختار سيبويه في كتابه وابن الحاجب والرازي وابن هشام في المغني (٢ : ٣١ مع حاشية الأمير) ، وأيضا لاحظ كلمات الأصوليين في مصنفاتهم : الإحكام : ٥٨ ، التبصرة : ٢٣٢ ، منتهى السؤل ١ ـ ١٤ ، نهاية السؤل ١ ـ ٢١٨ ، المستصفى ٢ ـ ٣٩ ، المنخول : ٨٣ ، أصول السرخسي ١ ـ ٢٠٠ ، فواتح الرحموت : ٧ ـ ٢٢٩) وغيرها.
(٣) سنن النسائي ٦ : ٩٠ ، باب ما يكره من الخطبة ، سنن أبي داود ٢ : ٣١١ ، باب ٧٧ ، صحيح مسلم : كتاب الجمعة ٦ : ١٥٨ شرح النوويّ.