أن يرجع إلى كلّ واحدة منها بانفرادها ، يجب أن يرجع إليها كلّها (١).
وذهب أبو الحسن الكرخي ، وأكثر أصحاب أبي حنيفة إلى أنّه يرجع إلى ما يليه من المذكور (١) وقال سيّدنا المرتضى رحمهالله (٢) : أنّه يرجع إلى ما يليه قطعا ، ويجوز مع ذلك رجوعه إلى ما تقدّمها من الجمل ، ويقف ذلك على البيان (٣).
ويقوى في نفسي المذهب الأوّل ، والّذي يدلّ على ذلك :
أنّ الكلام إذا عطف بعضه على بعض بالواو الموضوعة للجمع صار كأنّه مذكور بلفظ واحد ، ألا ترى أنّه لا فرق بين أن يقول القائل : «رأيت زيدا وعمرا وخالدا» وبين
__________________
٢ ـ رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة ثبوتا وإلى ما قبل الأخيرة أو الأولى إثباتا وبدلالة الدّليل : نسب هذا الرّأي لأصحاب أبي حنيفة ، ونسبه آخرون لأهل الظّاهر (لكنّه خطأ فإنّ ابن حزم الأندلسي اختار المذهب الأوّل ورجوع الاستثناء إلى الجميع ولم ينسب رأيا آخر لأصحابه) ، وهو مختار أبي الحسن الكرخي.
٣ ـ التوقّف والتماس الدّليل في تعيين مرجع الاستثناء : وهذا مذهب الأشعريّة ، والقاضي أبي بكر الباقلاني ، والغزاليّ ، والشّريف المرتضى (لكنّه يذهب إلى القول بالاشتراك اللّفظي وتجويز رجوعه إلى الجميع وإلى الجملة الأخيرة).
وبناء على مذهب الوقف فقد فصّل جماعة من الأصوليين كأبي الحسين البصري ، والغزالي ، والقاضي عبد الجبّار ، وبعض الأشعريّة ، وابن الحاجب والآمدي وغيرهم بعض التفصيلات.
انظر : «التبصرة : ١٧٣ ـ ١٧٢ ، الأحكام : ٤ ـ ٤٣٠ ، الأحكام للآمدي : ٢ ـ ٢٧٨ ، الإبهاج : ٢ ـ ٩٥ ، روضة الناظر : ٢٢٧ ـ ٢٢٦ ، ميزان الأصول ١ : ٤٦٠ ، المستصفى ٢ : ١٧٤ ، المنخول : ١٦٠ ، أصول السرخسي ٢ : ٤٥ ـ ٤٤ ، المعتمد ١ : ٢٤٥ ، الذريعة ١ : ٢٤٩ ، شرح اللّمع ١ : ٤٠٧».
(١) انظر ذيل التعليقة رقم (١) صفحة ٣٢٠.
(٢) قدّس الله روحه.
(٣) قال الشّريف المرتضى (الذريعة ١ : ٢٤٩) : «والّذي أذهب إليه أنّ الاستثناء إذا تعقّب جملا وصحّ رجوعه إلى كلّ واحدة منها لو انفردت ، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل ـ كما قال الشّافعي ـ وتجويز رجوعه إلى ما يليه ـ على ما قال أبو حنيفة ـ وألّا يقطع على ذلك إلّا بدليل منفصل ، أو عادة ، أو إمارة ، وفي الجملة لا جوز القطع على ذلك الشّيء يرجع إلى اللفظ». وانظر أيضا ذيل التعليقة رقم ١ صفحة ٣٢٠.