فصل ـ [٨]
«في أنّ الاستثناء إذا تعقّب جملا كثيرة هل يرجع إلى جميعها أو إلى ما يليه؟ (١)»
ذهب الشّافعي وأصحابه إلى أنّ الاستثناء إذا تعقّب جملا كثيرة ، وكان يصحّ
__________________
(١) لا خلاف بين الأصوليين في عدّة موارد من الاستثناء حيث اتّفقوا على مرجع الاستثناء وهي :
١ ـ اتّفقوا على أنّه لا نزاع في رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة.
٢ ـ اتّفقوا على أنّه لا ينبغي النزاع في رجوع الاستثناء إلى الجملة الأولى إذا دلّ الدّليل على اختصاصه بالأولى دون بقيّة الجمل المعطوفة.
٣ ـ واتّفقوا أيضا على رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل المعطوفة ، وذلك بدلالة الدّليل عليه كما في قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) الآية.
٤ ـ واتّفقوا أيضا على رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط وذلك لدلالة الدّليل.
وأمّا موضوع الخلاف فينحصر فيما إذا أمكن عود الاستثناء إلى الجميع وكان يصحّ أن يرجع إلى كلّ واحدة من الجمل بانفرادها مع عدم وجود قرينة ـ حاليّة أو مقالية ـ أو دليل تدلّان على مرجع الاستثناء.
وأقوالهم كما يلي :
١ ـ رجوع الاستثناء إلى الجميع : وهذا مذهب الجمهور ، كالشّافعي وأتباعه كأبي إسحاق الشّيرازي وغيره ، وهو مختار أحمد بن حنبل ، وابن حزم الأندلسي ـ من الظّاهريّة ـ والشيخ الطوسي من الإماميّة.