ومن قال : الفسق (١) لا يخرج من الإيمان قال : قوله (إِلَّا خَطَأً) معناه بمعنى لكنّه إن قتل خطأ كان حكمه كذا وكذا (٢).
وكذلك قوله : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)(٣) منقطع عن الأوّل ، لأنّ (مَنْ رَحِمَ) معصوم وليس بعاصم يدخل في الكلام الأوّل.
فأمّا من خالف في ذلك وحمل الاستثناء على الإقرار وقال : كما يحسن أن يستثنى في الإقرار (٤)* من غير جنس ما أقرّ به فكذلك في الإخبار وغيرها (٥).
فقوله يبطل ، لأنّ هذا طريقة القياس ، وليس يجوز أن تثبت اللّغة وأحكام ألفاظها بالقياس.
ثمّ الصّحيح في الإقرار ما نقوله في الاستثناء ، أنّه لا يحسن أن يستثنى فيه من غير جنسه ، فإن دلّ دليل من إجماع وغيره على خلافه حكمنا بجوازه وعلمنا أنّه استثناء منقطع كما قلناه فيما تقدّم من الألفاظ.
فأمّا إذا تعقّب جملا كثيرة فإلى أيّها ترجع؟ فسنذكره في باب مفرد إن شاء الله وحده.
__________________
(١) بأنّ الفسق.
(٢) المعتمد في أصول الفقه ١ : ٢٤٤.
(٣) هود : ٤٣.
(٤) * يعني إذا قال : (له عليّ عشرة إلّا دينارا) لا يعدّ إقرارا بتسعة دنانير ويكلّف تفسير العشرة ، ولو كان المنقطع مجازا لوجب حمله على أنّ المراد (له على عشرة دنانير إلّا دينارا) فيعدّ إقرار بتسعة دنانير ، وكذا لو قال : (له عليّ عشرة دراهم إلّا ثوبا) يعدّ إقرارا بالعشرة دراهم ولا ينقض منه شيء بسبب الاستثناء ، ولو كان مجازا في المنقطع لوجب حمله على قيمة ثوب فينقص من العشرة دراهم شيء.
(٥) المعتمد في أصول الفقه ١ : ٢٤٥.