الأكثر من اللّفظ يجوز (١).
وقال بعضهم : إنّه إنّما يحسن استثناء الأقلّ ، فأمّا استثناء الأكثر فلا يجوز ، لأنّ ذلك لم يوجد مستعملا (٢) ، والّذي يدلّ على صحّة ذلك :
أنّ الاستثناء تخصيص للكلام الأوّل ، فكما يجوز أن يخصّص اللّفظ أو يخرج منه الأكثر ، فكذلك حكم الاستثناء لأنّه بعض أدلّة التخصيص.
وأيضا : إذا كان من حقّه أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته ، فلا فرق بين أن يخرج الأكثر أو الأقلّ في أنّه على حدّ واحد.
فأمّا قول من خالف في ذلك ، أنّ ذلك لم يستعمل (٣) ، فلا يبطل ما قلناه ، لأنّه ليس كلّما قلّ استعماله لم يحسن ، ولو لزم ذلك للزم أن لا يحسن استثناء النّصف من الكلام أو ما يقارب النّصف ، لأنّ ذلك أيضا غير مستعمل ، وذلك لا خلاف في جوازه.
وأمّا (٤) الاستثناء من غير الجنس ، فلا يمكن دفع استعماله لأنّهم قالوا : «ما في الدّار أحد إلّا وتد» ، وقالوا :
وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلّا اليعافير وإلّا العيس(٥). |
__________________
(١) وهو مذهب الجمهور ، حيث جوّزوا الاستثناء وإن كان المستثنى أكثر من نصف ما يتناوله المستثنى منه كقوله لفلان (عليّ عشرة دراهم إلّا ثمانية). وممّن اختار هذا الرّأي جمهور الشّافعيين كأبي إسحاق الشّيرازي ، وإمام الحرمين الجويني ، والغزالي ، والآمدي ، وغيرهم ، وابن السبكي ، وابن الحاجب ، وأبي الحسين البصري ، وابن حزم الأندلسي ، وجميع أهل الظّاهر ، وفخر الدّين الرازي وأتباعه ، والبيضاوي ، وغيرهم.
انظر : «التبصرة : ١٦٨ ، المستصفى ٢ : ١٧٥ ، المنخول : ١٥٨ ، الإحكام ٢ : ٢٧٥ ، الإبهاج ٢ : ٩٠ ، شرح اللّمع ١ : ٤٠٤ ، روضة النّاظر : ٢٤٥ ، المعتمد ١ : ٢٤٤ ، الإحكام ٤ : ٤٢٥ ، ميزان الأصول ١ : ٤٥٩».
(٢) إلى هذا القول ذهب أحمد بن حنبل ، والقاضي أبو بكر الباقلاني ، وابن درستويه ـ من اللغويين ـ وغيرهم ، وهؤلاء لهم تفصيل في المقام وهو منع الاستثناء إن كان المستثنى أقلّ من النّصف ، وتجويزه في النصف. راجع المصادر الواردة في التعليقة السابقة.
(٣) التبصرة : ١٦٩.
(٤) فأمّا.
(٥) من الشواهد المشهورة في الشعر العربي حيث استشهد بها اللغويون والنحويون والمفسّرون والشعراء ، وقد