والحقيقة إذا عقلت فائدتها ، فيجب حملها على ما عقلت من فائدتها (١) * أين وجدت ، ولا يخص به موضع دون آخر ، ويطرد ذلك فيها إلا لمانع من سمع أو عرف أو غير ذلك ، إلا أن تكون وضعت (٢) لتفيد معنى في جنس دون جنس ، فحينئذ يجب أن يخص ذلك الجنس به ، نحو قولهم : «خل» انه يفيد الحموضة في جنس مخصوص ، وقولهم : «بلق» يفيد اجتماع اللونين في جنس دون جنس. وعلى هذا المعنى يقال إن الحقائق يقاس عليها.
واما المجاز فلا يقاس عليه وينبغي أن يقر حيث استعمل ، ولذلك لا يقال : «سل الحمير» ويراد مالكها كما قيل : «واسأل القرية» وأريد أهلها ، لأن ذلك لم يتعارف فيه.
والحقيقة لا يمتنع أن يقل استعمالها فتصير كالمجاز ، مثل قولنا «الصلاة» في الدعاء وغير ذلك.
وكذلك لا يمتنع في المجاز أن يكثر استعماله فيصير حقيقة بالعرف (٣) نحو قولنا : «الغائط» في الحدث المخصوص ، وقولنا : «دابة» في الحيوان المخصوص ، وما هذا حكمه ، حكم له بحكم الحقيقة.
والمفيد من الكلام لا يكون إلا جملة من اسم واسم ، أو فعل واسم ، وما عداها ما لا يفيد إلا بتقدير واحد من القسمين فيه ، ولأجل ذلك قلنا : «يا زيد» في النداء إنما يفيد لأن معنى «يا» أدعو فصار معنى هذا الحرف معنى الفعل ، فلأجل ذلك أفاد.
وينقسم (٤) ذلك إلى أقسام :
إلى الأمر وما معناه معنى الأمر (٥) من السؤال ، والطلب والدعاء.
__________________
(١) * المراد بالفائدة مجموع الوصف المعتبر في استعمال أهل اللغة له لا مجموع ما وضع له سواء كان وصفا أو ذاتا.
(٢) وضعه.
(٣) في العرف.
(٤) فينقسم.
(٥) في الأصل : ومعناه ما معنى الأمر.