فصل ـ [٢]
«في ذكر الكلام على أنّ العموم (١)* له صيغة في اللّغة»
ذهب الفقهاء بأسرهم ، وأكثر المتكلّمين إلى أنّ العموم له صيغة موضوعة في اللّغة تختصّ به (٢).
وقال قوم من المرجئة (٣) وغيرهم : إنّه ليس للعموم صيغة أصلا ، بل كلّما يدّعى أنّه للعموم فهو للخصوص ، وإنّما يفيد أقلّ ما يمكن أن يكون مرادا (٤).
وقال أكثر المرجئة : إنّ هذه الألفاظ مشتركة بين العموم والخصوص حقيقة فيهما معا.
وفي النّاس من قال : إنّه يجب حمل اللّفظ على الاستغراق فيما يتعلّق بالأمر
__________________
(١) * المراد بصيغة العموم هنا ما يكون حقيقة في العموم مجازا في غيره.
(٢) انظر التعليقة رقم (١) صفحة ٢٧٣.
(٣) المرجئة من الفرق الّتي أبدعتها السياسة في عصر الأمويين ، وهي تعتقد بعدم تكفير أيّ إنسان اعتنق الإسلام مهما ارتكب من المعاصي ويكون أمره لله وحده يوم القيامة. وقد ارتضت هذه الفرقة حكم بني أميّة وأيّدتها. وقد أثرت هذه الفرقة تأثيرات بعيدة المدى في عقائد مذاهب أهل السنة.
(٤) قال شارح (التبصرة في أصول الفقه) ص ١٠٥ : «هو منقول عن أبي الحسن الأشعري لا عن كلّ أشعري ، وتبعه القاضي أبو بكر الباقلاني على الوقف ، بمعنى أنّا لا نعلم أوضع له أم لا؟ أو على معنى أنّه وضع له إلّا أنّا لا نعلم أمشترك هو أم ظاهر؟ وهذا الثّاني ارتضاه ابن الهمّام ولم يرتض التفسير الأوّل) ، راجع أيضا التعليقة رقم (١) صفحة ٢٧٣.