فصل ـ [٣]
«فيما يقتضيه الأمر من جمع وآحاد»
اعلم أنّ الواجب اعتبار ظاهر الأمر ، فإن اقتضى تناوله جميع المكلّفين لزمتهم تلك العبادة وكان ذلك من فروض الأعيان ، وذلك مثل قوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(١) وما يجري مجرى ذلك ، فإن دلّ الدّليل على أنّ المراد به بعضهم حمل عليه ، ولأجل هذا قلنا : إنّ قوله : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) يختصّ الأئمّة ومن يقوم مقامهم في النّيابة عنهم ، لما دلّ الدّليل على أنّ ذلك من فروض الأئمة ، وكذلك قوله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً)(٣) حملناه على أنّ المراد به الأئمّة والسّعاة من قبلهم ، لما كان ذلك من فروضهم.
وإن دلّ الدّليل على أنّ المأمور به مشروط ، حمل وجوبه على من اجتمعت تلك الشّرائط فيه ، ولهذا قلنا : إنّ الأمر بصلاة الجمعة مخصوص بمن كان على صفات مخصوصة واجتمعت شرائط الجمعة كلّها هنا ، ومن لم يكن كذلك لا يجب عليه.
وإن دلّ الدّليل على أنّ المراد بالأمر حصول أمر ، وعلم حصول ذلك الأمر
__________________
(١) البقرة : ٤٣.
(٢) المائدة : ٣٨.
(٣) التوبة : ١٠٣.