فصل ـ [٢]
«في أنّ النّهي يدلّ على فساد المنهيّ عنه أم لا (١)؟»
ذهب أهل الظّاهر وكثير من الفقهاء من أصحاب الشّافعي ، وأبي حنيفة ، وكثير
__________________
(١) اختلف الفقهاء والمتكلّمون والأصوليّون من العامّة في دلالة النّهي على فساد المنهي عنه ، وقبل الدخول في تفاصيل الأقوال ينبغي التنبيه إلى أنّ الأمور الاعتباريّة تنقسم إلى قسمين : فبعضها لا يصحّ فيه معنى الفساد والصحّة كالجهل والعلم وغيرهما ، والقسم الآخر يصحّ فيه كالأحكام الاعتباريّة والشرعيّة مثل الصّلاة والصّوم والنكاح ، فالبحث والخلاف في هذا الفصل يدور حول هذا القسم الثّاني. وإليك أقوالهم :
١ ـ النّهي يقتضي فساد المنهي عنه : ويقصدون إطلاق الفساد سواء أكان النّهي في المعاملات أو العبادات ، أو كان لذات المنهي عنه ، أو لجزئه ، أو بوصف الخارجي اللازم معه أو المفارق عنه. وهذا القول مذهب الأكثر إذ ذهب إليه الشّافعي وأتباعه كالشّيرازي ، والغزاليّ ، واختاره مالك ، وأبو حنيفة وأصحابهما ، وابن حنبل وجماعة الحنابلة ، وجميع أهل الظّاهر ، وهو مختار جماعة من المتكلّمين.
٢ ـ النّهي لا يقتضي فساد المنهي عنه : وهو مذهب جماعة كالقفّال ، وأبي الحسن الكرخي ، والجويني ، والأشعري ، وجماعة من الأحناف ، وهو أحد قولي الشّافعي ، ومختار أبي عبد الله البصري ، والقاضي عبد الجبّار ، وأبي هاشم الجبّائي وآخرين من شيوخ المعتزلة.
٣ ـ التفصيل : بأن يدلّ النّهي على الفساد في العبادات دون العقود والإيقاعات ، وهو مذهب أبي الحسين البصري ، والغزاليّ (في المستصفى) وفخر الدّين الرازي ، وآخرين.
وأيضا عندهم تفصيلات أخرى كقول أبي حنيفة (أنّ النّهي يقتضي الصحّة)!! ولا يتّسع المقام لذكرها.
أمّا الإماميّة : فإنّ مذهب المرتضى (ره) هو التّوقّف لأنّه يقول : «إنّ النّهي من حيث اللغة وعرف أهلها لا يقتضي فسادا ولا صحّة ، وإنّما نعلم في متعلّقة الفساد بدليل منفصل» ، وخالفه في ذلك الشّيخ الطّوسي (ره)