والضرب الآخر : له صفة زائدة على حسنه ، وهو على ضربين :
أحدهما : أن يستحق المدح بفعله ، ولا يستحق الذم بتركه (١) * ، فيوصف بأنه مرغب فيه ، ومندوب إليه ، ونفل ، وتطوع ، وهذا الضرب إذا تعدى إلى الغير سمي بأنه إحسان وإنعام.
والضرب الثاني : هو ما يستحق الذم بتركه ، وهو أيضا على ضربين :
أحدهما : أنه متى لم يفعله بعينه استحق الذم ، وذلك مثل رد الوديعة ، والصلوات المعينة المفروضة ، فيوصف بأنه واجب مضيق.
والضرب الثاني : هو ما إذا لم يفعله ، ولا ما يقوم مقامه استحق الذم ، فيوصف بأنه واجب مخير فيه ، وذلك نحو الكفارات في الشريعة ، وأداء الصلوات في الأوقات المخير فيها ، وقضاء الدين من أي درهم شاء ، وما شاكل ذلك.
ومن الواجب ما يقوم فعل الغير مقامه (٢) * ، وذلك نحو الجهاد ، والصلاة على الأموات ، ودفنهم ، وغسلهم ، ومواراتهم ، فيوصف بأنه فرض على الكفاية.
وأما القبيح : فلا ينقسم انقسام الحسن ، بل هو قسم واحد ، وهو كل فعل يستحق فاعله الذم على بعض الوجوه ، ويوصف في الشرع بأنه محظور ، ومحرم إذا دل فاعله عليه أو أعلمه.
وفي الأفعال ما يوصف بأنه مكروه ، وإن لم يكن قبيحا ، وهو كل فعل كان الأولى تركه واجتنابه ، وإن لم يكن قبيحا يستحق بفعله الذم ، فيوصف بأنه مكروه.
وفي أفعال الشريعة ما يوجب على غير فاعلها حكما ، كفعل الطفل ، والمجنون ، وما أشبههما ، فإنه يلزم المكلف أن يأخذ من مال الطفل والمجنون عوض ما أتلفه ويرده على صاحبه ، ويأخذ الزكاة مما يجب فيه من جملة ماله عند من قال بذلك.
__________________
(١) * المراد بالمدح الثواب الأخروي ، وبالذم العقاب الأخروي ، فإنه لو لا أن المراد ذلك لكان استحقاق المدح على الفعل مستلزما الذم على الترك ، لأن تفويت المنافع مذموم عقلا.
(٢) * هذا يسمى بالواجب الكفائي.